واصل «شلومو ساند» حديثه إلى «قناة «روسيا اليوم عربية»، وأكد أن غالبية «اليهود» غير المتدينين لم يكن لديهم سبب واحد للذهاب إلى فلسطين، ومن أراد الهجرة من بينهم ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان هذا هو السائد حتى (عام 1924)، وفى تلك الفترة هاجر نحو مليونى يهودى من أوروبا الشرقية إلى الولايات المتحدة.
وأوضح «ساند» أن الولايات المتحدة الأمريكية سنَّت فى هذا العام (1924) قانوناً عنصرياً للهجرة، وأغلقت أبوابها فى وجه اليهود والكاثوليك، وتركتها مفتوحة أمام البروتستانت البيض، ومنذ ذلك الوقت بدأ يزداد قدوم اليهود إلى فلسطين حتى الحرب العالمية الثانية، بسبب الهجرة الجماعية التى بدأت بعد الحرب، ولولا الكارثة التى سبّبتها النازية ضد اليهود، لا أعتقد أنه كان من الممكن إنشاء دولة إسرائيل عام 1948.
وأضاف المؤرخ الإسرائيلى: بعد حرب حزيران (عام 1967) وكنت وقتها جندياً فى مدينة القدس، أيَّدت الدعوة لحل الدولتين، وشاركت فى جميع المظاهرات والمسيرات التى تؤيد هذا الحل، وحاضرت وكتبت المقالات للدفاع عن فكرة أن أرض فلسطين فيها شعبان وأمتان، ولكننى تراجعت عن قناعتى تلك منذ سنة ونصف تقريباً، ولم أعد أؤمن بحل الدولتين، لأن الاستعمار الإسرائيلى قائم فى الضفة الغربية، ويستوطنها مئات الآلاف من الإسرائيليين، ويوجد آلاف مؤلفة من الفلسطينيين يعملون فى إسرائيل، وليس الاستيطان وحده هو دليل التداخل، بل لدينا تعاملات اقتصادية مشتركة، نحن واقعياً نعيش متداخلين مع بعضنا البعض، وبما أننا نعيش هكذا، فمن الصعب تصور إمكانية تقسيم هذه الأرض الصغيرة إلى دولتين.وأكد «ساند» أنه رغم كل الكراهية والكوارث والمصائب التى تحدث الآن فى غزة، فلا توجد فرصة أخرى أمامنا إلا أن نتعايش مع الفلسطينيين ولا يمكن أن نعيش بدونهم فى الشرق الأوسط.
نحن نحتاج إليهم لحمايتنا من بقية العرب، ولهذا أعتقد أن الحل الأقرب هو الدولة الواحدة سواء «الفيدرالية» أو «الكونفيدرالية»، لأن الاستمرار فى بناء إسرائيل وتوسيعها على حساب الفلسطينيين سيدمر الشعبين معاً.
الثابت تاريخياً أن كل شعوب الأرض تكونت أولاً ثم خلقت أساطيرها، وتكونت معتقداتها وعقائدها بعد ذلك، والحالة الوحيدة التى حدث فيها العكس هى حالة الشعب اليهودى الذى تم «اختراعه» بناء على أساطير وأوهام تم وضعها أولاً، وسرديات مزيفة روَّجتها الصهيونية العالمية بطريقة ممنهجة، لتكون هى الأساس الذى قامت عليه دولة الكيان الصهيونى ثانية، على حساب شعب موجود على أرضه منذ آلاف السنين.
وإذا كانت السياسة حمالة أوجه، وتتراوح بين وجهات النظر المختلفة حول القضية الواحدة، فإن العلم المجرد يظل هو وسيلة الحسم الأقوى لأى خلاف، ولهذا يظل كتاب «اختراع الشعب اليهودى» من أهم الأدوات التى يظل استخدامها واجباً لحسم الصراع العربى الإسرائيلى، خاصة بعد أن توصل صاحبه المؤرخ الإسرائيلى اليهودى «شلومو ساند» إلى عدم وجود أى نص أو أثر يكشف عن وجود أرض إسرائيل كحيز جغرافى معروف، وبه نسف الحجة الدينية (الصهيونية) حول هذا الوطن المزعوم.