علي ما يبدو والله أعلم أن وزير التربية والتعليم الدكتور محب الرافعي أدرك ومنذ أن تم تعيينه وزيرًا، وكما يقولون في اللغة الدارجة، أدرك أن "ضبط الشغل أهم من الشغل" !!
فالرجل ومنذ أن تم تعيينه وزيرًا، قبل أشهر قليلة، اختار أن تكون ممارسته لمهام وظيفته أمام شاشات التليفزيون وفي استديوهات برامج التوك شو فقط، وبدلًا من أن يبدأ مهمته الصعبة ببدء تنفيذ استراتيجية جديدة، وقد تكون صعبة، لتطوير التعليم قبل الجامعي، فوجئنا بالرجل، ولا يزال، حريصًا على الإدلاء بالتصريحات والأحاديث الصحفية والتليفزيونية، قبل الأكل وبعد الأكل، وعلى الريق وقبل النوم، ليس هذا فحسب، بل أصبح على ممارسة بعض الطقوس عندما يكون ضيفًا على أحد البرامج التلفزيونية ومنها أنه اعتاد أن يضع كمًا كبيرًا من الملفات أمامه وهو يتحدث في برامج التليفزيون!
وبدأ الدكتور الرافعي وكأنه على قناعة تامة بأن حسن العلاقة بينه وبين الصحفيين ومقدمي برامج "الرغي واللت" هو السند القوي الذي سيبقيه جالسًا على مقعده وزيرًا للتربية والتعليم، بصرف النظر عن معدلات أدائه!
ولكي لا أكون متحاملًا على الدكتور الرافعي، دعوني أذكركم بأبرز ما فعله الرجل في وزارته منذ أن جلس على تلها قبل أشهر قليلة!
فقد تزامنت بداية ولاية الوزير مع إعلان نتائج اختيارات تعيين ثلاثين ألف معلم، تنفيذًا لقرار سبق وأن أصدره رئيس الجمهورية خلال الاحتفالات الماضية بيوم المعلم.
في البداية بدأ الوزير في إطلاق سيل منهمر من التصريحات عن الحدث وكأنه إنجاز صنعه هو، وفجأة وبعملية تراجع سريعة جدًا، غسل الوزير كلتا يديه من الموضوع تمامًا، بعد أن تكشفت المصائب والخطايا التي وقعت خلال عمليات إجراء اختبارات المعلمين الجدد، وتحولت بسرعة شديدة جدًا نبرة تصريحات الوزير التي كانت مبشرة بالتعيينات الجديدة على أنها إنجاز له، إلى تصريحات تبرأ فيها تمامًا من الموضوع بأكمله وتحميله لمن سبقه، وتوقف الكلام تمامًا عن موضوع تعيين المعلمين الجدد، كما تم صرف النظر عن محاولة إصلاح الأخطاء التي ارتكبت في عملية الاختيار.
ونام موضوع تعيين الثلاثين ألف معلم وشبع نوم، رغم أن أي متابع يدرك أن رئيس الجمهورية بإصداره قرار تعيينهم، يهدف إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو أراد أن يجذب ثلاثين ألفًا من طابور العاطلين ليفتح لهم فرصة عمل، وأراد كذلك أن يدفع بالعملية التعليمية للأمام بالمعلمين الجدد!
أيضًا وبعد أن تزايد انتقاد الإعلام لما جرى من وكيلة وزارة التعليم في الجيزة وعدد من معاونيها، عندما جمعت بعض الكتب من مكتبة إحدى مدارس الإخوان وقامت بتقليد حركة "داعش" وأشعلت النيران في تلك الكتب في فناء المدرسة، وبعد الغضب الشديد الذي سيطر على برامج التوك شو مما فعلته وكيلة وزارة التعليم بالجيزة، اختفى وزير التربية والتعليم تمامًا، ولم يصدر أي رد فعل حيال ما جرى، وعلى ما يبدو أنه أدرك أنه لا يجب أن يقترب من موضوع تسبب في إغضاب الإعلام، وكل ما قيل حول هذا الموضوع أن الوزير أمر بإجراء تحقيق في الأمر، ومرت الأزمة وهدأ الإعلام ولم نعرف نتيجة التحقيق حتى الآن!
ومؤخرًا بدأ الوزير سلسلسة من التصريحات المثيرة، منها أن مش عارف كام ألف تلميذ حصلوا على صفر في القراءة والكتابة، وكام ألف تلميذ سقطوا في النحو والصرف، وتصريحات تانية غريبة، وأقول له يا معالي الوزير: هو سيادتك انضحك عليك قبل ما يتم تكليفك بالوزارة، ما الدنيا كلها عارفة إن حالة التعليم والتربية في مدارس ما قبل التعليم الجامعي حالتها مش ولا بد، وتحتاج إلى إنقاذ سريع وسريع جدًا !!
وأخيرًا وقبل أن يبادر وزير التربية والتعليم بتجهيز رد إنشائي على ما أوردته هنا، فإنني وبمزيد من الأسي أسأل الوزير، ألم يرى سرادقات الدروس الخصوصية التي انتشرت في الميادين والشوارع لمراجعات ليلة الامتحان لطلبة الثانوية العامة (50 جنيهًا للمادة الواحدة)، ألم يرى الملصقات التي تمتلئ بها الشوارع وتحوي أسماء المدرسين والمواد التي يقومون بتدريسها وأماكن السرادقات التي يتسع الواحد منها لأكثر من ألف طالب، اللافت أن حالة الصمت حول السرادقات المخصصة لمراجعات ليالي امتحان الثانوية العامة، اشترك فيها وزير التربية والتعليم وبرامج التوك شو وكأن بينهما اتفاق !!!
يا معالي الوزير.. إذا أردت أن تتأكد بنفسك من وجود هذه السرادقات، توجه فقط إلى شارع البحر الأعظم بمنقطة المنيب أسفل الطريق الدائري وشارع جمال الدين أبو المحاسن في العجوزة لترى بنفسك ما يجري في تلاميذك وأولياء أمورهم !!!
يا معالي الوزير.. اترك المكتب المكيف، وابتعد عن برامج التليفزيون، وانزل إلى الناس في الشوارع لتعرف إلى أي حد أزمة التعليم متأزمة ولتعرف إلى أي حد أنك مقصر !!!!!!