السياسة فى الأخير هى ما تمتلكه على الأرض من أوراق لعب على مسرح السياسة، والدين قيم روحانية والتاريخ أحداث ووقائع، بينما يبقى الاقتصاد أرقاماً.. الإنشاء والخطب فى السياسة لا تعطى معنى ولا تقرر حالة.. وحدها الأرقام..
ورغم مؤشرات الاقتصاد الأمريكى السلبية وبوادر ركود يذكر بالأزمة الاقتصادية الكبيرة أو ما سمى بـ«الكساد الكبير» الذى ضرب العالم والولايات المتحدة فى أواخر العشرينات واستمر عقداً من الزمان وانتهى فى أواخر الثلاثينات.. ورغم الفروق بين الكساد والركود، والذى يحتاج إلى حديث آخر لكن تبقى فكرة التعرض لأزمة اقتصادية هى المشترك بينهما..
وعندما يتعرض مركز النظام الرأسمالى العالمى لأزمة يؤثر ذلك تلقائياً فى باقى دول العالم.لا يتوقف الأمر عند الأزمة الأمريكية -التى تكررت قبل سنوات- وتداعياتها المباشرة من تهاوى أو حتى قل تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية بل يتزامن ذلك مع مشهدين آخرين.. أحدهما اقتصادى سبق وتناولناه من إصرار مجموعة أوبك على تخفيض الإنتاج الذى يبلغ ما يقرب من خمسة ملايين برميل يومياً وهو ما يعنى تلقائياً ارتفاع أسعار النفط.. وتأثير ذلك على اقتصاديات عديدة فى العالم، خصوصاً للدول التى تستورد النفط.. ثم المشهد المتوتر المرتبك شديد السخونة فى الشرق الأوسط. والشرق الأوسط يعنى -من بين ما يعنى- النفط أيضاً وقناة السويس!! أى التجارة الدولية وكلفة التبادل التجارى بين دول العالم وتكلفة الإنتاج الصناعى التى تعمل بنفط الشرق الأوسط!! فى خضم كل ذلك يقف الاقتصاد المصرى يؤثر ويتأثر بما يجرى، حيث لا يعيش بمعزل عن العالم.
ومع ذلك.. تبدو الأرقام تدعو للتفاؤل وفى الأمل فى تجاوز المصاعب.. خسرنا جزءاً كبيراً من عائد قناة السويس لكن عادت تحويلات المصريين إلى مسارها الطبيعى بالمصارف المصرية.. وتحقق السياحة 14.906 مليون سائح كالأعلى فى تاريخ البلاد متجاوزة أرقام 2010 فى عدد السائحين وفى عائد السياحة ذاتها بـ13.5 مليار دولار!
مصر ورغم كل هذه المصاعب دبرت ما يقرب من 15 مليار دولار فى نصف عام لينتقل الدين من 168 مليار دولار أواخر 2023 إلى 160.1 فى مايو ثم إلى 153.86 مليار!! ومصر يتراجع فيها التضخم من 35.7 فى يناير إلى 32.5 فى أبريل إلى 28.1 فى مايو ويتجاوز الاحتياطى النقدى حاجز الـ46.5 مليار دولار، فى حين بلغت الصادرات السلعية الـ35.631 مليار دولار! ويصل الاستثمار المباشر القادم عبر المصارف الرسمية طبعاً إلى 9.841 مليار دولار!
كل ما سبق -نكرر فى الأخير حتى لا ننسى- رغم سخونة الأوضاع فى محيطنا ورغم التأثر التلقائى بما يجرى فى الاقتصاد العالمى ورغم إجراءات أوبك!