أصبح فى حُكم المؤكد أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة «بنيامين نتنياهو» تزرع الشوك فى طريق السلام فى منطقة الشرق الأوسط، حكومة بها وزراء متطرفون تطرُّفاً مُلصَقاً بهم وثابتاً عليهم بكل الأدلة والبراهين، هى حكومة لا تعترف بحقوق الشعب الفلسطينى، وترفض الموافقة على إعلان الدولة الفلسطينية وتوافق على الاستيطان فى غزة والضفة الغربية وتريد محو قطاع غزة -بكل ما يحتويه من سكان يقترب عددهم من (٢٫٣) مليون نسمة- من الوجود.
الدول الثلاث -الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر- التى تقود الوساطة بين إسرائيل وحركة حماس أعلنت عن بيان هام جداً -بيان جاء فى وقته- يدعو طرفى الصراع إلى ضرورة القبول باتفاق الهدنة وإتمام المفاوضات حتى يتم وقف إطلاق النار ويتم تنفيذ البنود الخاصة بالإفراج عن الأسرى والرهائن من الجانبين ويتم إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المكلوم الذى لا يجد أهله رغيف العيش.
وهذا البيان نال رضا واستحسان عدد كبير من الدول المعنية بالصراع، وأصدر عدد من الدول بيانات إشادة وتأييد، ومن هذه الدول (السعودية والإمارات وفرنسا) وهو ما شكَّل رأياً عاماً عالمياً تأييداً لهذا البيان.
لكن فى المقابل خرج علينا «بتسلئيل سموتريتش» وزير المالية الإسرائيلى -المتطرف بحسب وصف «يائير لابيد» زعيم المعارضة الإسرائيلية فى الكنيست له- وقال نصاً: إن دعوة الدول الثلاث عبارة عن «فخ خطير» لإسرائيل وبمثابة «اتفاق استسلام» نرفضه ولن نوافق عليهلا يا «سموتريتش»!!.
إن بيان الدول الثلاث -أمريكا ومصر وقطر- ليس فخاً لكم، بل إيقاف لنزيف دماء تسيل منذ أكثر من (١٠) أشهر ومنذ ما يقرب من (٣١٠) أيام ومعظم هذه الدماء من الأطفال والسيدات، وشهداء زادوا على (٤٠) ألف شهيد، ومصابين تعدوا الـ(١٠٠) ألف مصاب، وما زالت هناك جُثث تحت الأنقاض بالآلاف، ولم يجد الأطفال أى رعاية صحية ولا مدارس.. أليس هذا يدعوك لتأييد البيان ووقف القصف الصاروخى؟لا يا «سموتريتش»!!.
إنه ليس «بيان استسلام» بل (بيان سلام وللسلام)، فوقف إطلاق النار فى قطاع غزة أصبح مطلباً لكل شعوب الأرض، وقصفكم للمدنيين والمصلين والمدارس والمستشفيات ومقرات المنظمات الدولية لا يخفى على أحد وترفضه كل الشعوب، والمظاهرات التى اجتاحت عواصم العالم -وما زالت- رفضاً لعدوانكم خير دليل على تطرفكم البيِّن.
يكفى أن «جون كيربى»، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى فى البيت الأبيض، قال نصاً: (يدَّعى «سموتريتش» أن إتمام صفقة برعاية أمريكا ومصر وقطر يعرِّض إسرائيل للخطر، لكن هذا خطأ تماماً، وهو بذلك يُضلل الجمهور الإسرائيلى، لأن الصفقة تحمى مصالح إسرائيل بالكامل، وقد قبلت «حركة حماس» المبادئ الأساسية التى طالبت بها إسرائيل.
إن الدول التى تعتبر أن حياة مواطنيها مُهمة بالنسبة لها تُجرى وتعقد مثل هذه الصفقات، والمواقف التى عبَّر عنها «سموتريتش» ستُعرِّض حياة الرهائن الإسرائيليين والأمريكيين للخطر وتهدد بالفعل أمن إسرائيل، ولن يسمح «الرئيس بايدن» بتعطيل الصفقة، فالصفقة ستُنقذ الأرواح وتُعزز أمن إسرائيل، وفكرة أن «واشنطن» ستدعم صفقة من شأنها تعريض إسرائيل للخطر هى فكرة خاطئة وفاضحة، وعلى من يعتقد ذلك أن يخجل).
رد «جون كيربى» الصاع صاعين لـ«سموتريتش» بل إنه أفحمه وأظهر تطرفه أمام الرأى الإسرائيلى، وظنى أن «سموتريتش» لن يخجل.
والسؤال: ماذا يريد «سموتريتش»؟ طبعاً مثله مثل «نتنياهو» و«بن غفير»، هُم (يريدون كل شىء)، يريدون الحصول على كل شىء وعدم تحمُّل أى شىء، ويرفعون شعار (إما «كل شىء» أو «لا شىء») وهذا منطق فى العلوم السياسية «خاسر» ولا يؤدى لشىء نهائياً.