زيارة مهمة للغاية، سواء من حيث الرمزية التى تمثلها، أو من حيث مضمونها.
بهذه الروح الإيجابية جاءت تعليقات الإعلام التركى -بمختلف توجهاته- على زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لتركيا، التى يصفها المراقبون بأنها ستشكل نقلة مهمة فى العلاقات بين «القاهرة وأنقرة» بعد سنوات هى الأكثر برودة فى تاريخ العلاقات الدبلوماسية التركية - المصرية، التى ستحتفل بالذكرى المئوية لها العام المقبل.
وعودة العلاقات بين البلدين لم تأت بتلك السهولة التى يتخيلها البعض، أو كما تبدو فى مشهد الاستقبال الرسمى لـ«السيسى» فى قصر «بشتبيه» الرئاسى فى «أنقرة».
العلاقات بين الدول تعرف ما يسمى بـ«الارتباط الانتقائى»، أى انتقاء القضايا المرتبطة مباشرة بالمصلحة الوطنية، وتركيز الاهتمام عليها، وإعطاؤها الأولوية، وهذا ما تدركه مصر جيداً، ويبلوره الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وقالها الرئيس ذات مرة: «إدارة الدولة ليست كإدارة شركة»، أو هكذا المعنى كما فهمته، ومصر كدولة محورية فى المنطقة لا تملك ترف الانكفاء على ذاتها، ووزنها النسبى يتناسب طردياً مع الدور الذى يمكن أن تلعبه، خاصة على الساحة الإقليمية والعالمية، ولو اكتفت -فرضاً- بالتركيز على الداخل فقط ستفقد حتماً اعتراف العالم بأهميتها.
السياسة الخارجية لمصر منفتحة فى علاقاتها الدولية، وتتحدد طبقاً لمدى استعداد الآخر للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى، وفى عهد «السيسى» تعتمد مبادئ الندية، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير، وكلها تتفق مع دور مصر المعروف بدعم السلام والاستقرار فى المحيطين الإقليمى والدولى.
الرئيس السيسى، وبحكم المواقع التى تولاها قبل توليه الرئاسة، يعرف الواقع جيداً، اعتماداً على المعلومات التى تتيح له اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، ولا يدير شئون الدولة استناداً إلى الواقع الافتراضى الوهمى الذى أفرزته ثورة الاتصال والمعلوماتية.
فى طريقه إلى «أنقرة» كتب الرئيس السيسى على حسابه الرسمى بمواقع التواصل الاجتماعى: «أعرب عن سعادتى البالغة بزيارتى الأولى للجمهورية التركية، ولقائى مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث تجمع بين دولتينا العريقتين علاقات تاريخية وشعبية متأصلة الجذور، كما تربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد الزعيم المؤسس مصطفى كمال أتاتورك».
وأضاف «السيسى»: «لعل زيارتى اليوم، ومن قبلها زيارة فخامة الرئيس أردوغان للقاهرة، تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استناداً لدورهما المحورى فى محيطهما الإقليمى والدولى، وبما يلبى طموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين».
المؤكد أن الخطر الداهم الذى تشهده المنطقة الآن، وينذر باشتعال حرب إقليمية مريعة تطول نيرانها وآثارها المدمرة العديد من الدول، ويضر -حتماً- بالمصالح التركية والمصرية بشكل غير مسبوق، دفع «القاهرة وأنقرة» لتجاوز أى خلافات، ولهذا شهدنا عودة العلاقات بأسرع من توقعات البعض.. وهكذا تُدار الدول.