في خطاب تنصيبه رئيسًا للبلاد فى يونيو 2014، رسم الرئيس عبدالفتاح السيسي محددات السياسة الخارجية لمصر، و أكد أنها بما تملكه من مقومات، يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية، وأن سياستها الخارجية ستتحدد طبقًا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون، وتحقيق مصالح الشعب المصري، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، كمبادئ أساسية تتفق مع دور مصر الملموس في دعم السلام والاستقرار في المحيطين الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول.
وفي اقل من عشر سنوات - وهي في عمر الدول تمر كاللحظة الخاطفة - جنت مصر ثمار سياستها الخارجية الجديدة، التي خطها الرئيس السيسي، عبر التحرك الدبلوماسي، سواء الثنائي أو متعدد الأطراف، وعلى كافة المحاور السياسية والاقتصادية، بخلاف دبلوماسية البيئة التي فرضتها التغيرات المناخية التي باتت تهدد كوكب الأرض.
لم تغب عن حسابات القيادة التطورات بالغة التعقيد، والمتسارعة على الساحة الدولية، وتأثيرها المباشر على الداخل المصري، وبتناغم ملموس استطاعت الدبلوماسية المصرية مع الأجهزة الوطنية المُختلفة، الاستقرار على «مصفوفة تحركات متنوعة»، هدفها المباشر احتواء تلك المؤثرات، وتجنب تداعياتها السلبية، وضمان الحفاظ على ثوابت الدولة الوطنية، والتأكيد على مرتكزات الأمن القومي، و الحفاظ على هوية مصر التي تبلورت عبر تاريخها الطويل.
واستوعبت مصر التي تقف على أعتاب المئوية الثانية للدبلوماسية المصرية، تطورات المشهد الدولي، وما يصاحبه من «تباديل وتوافيق» في أدوار اللاعبين المؤثرين، والتغير في موازين القوى، وفي نمط العلاقات بين الدول العظمى، وفقًا لهندسة دولية جديدة تتجه لمفارقة المفاهيم الكلاسيكية المستقرة في العالم منذ عشرات السنين.
نجحت الدبلوماسية المصرية في أداء دورها على مدى السنوات العشر الماضية، بعد أن استمد زخمًا إيجابيًا من رؤية القيادة السياسية، للأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الدقيق للأهداف، والتفاعل المباشر على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية، من خلال ما وصفه المراقبون بـ «دبلوماسية القمة»، أو «الدبلوماسية المباشرة» التي حرص «السيسي» على إتباعها في التعامل مع الملفات الصعبة والأزمات الكبرى، وبها استعادت مصر ريادتها الإقليمية والعربية والأفريقية، بعد غياب - لم يطل - وبلغ ذروته وقت استهداف المنطقة بالمؤامرة التي غلفوها بالعبارة الزائفة «ثورات الربيع العربي».
مصر الآن بعد أن انتقلت من مرحلة استعادة التوازن إلى استعادة التأثير، أصبحت هي الطرف الحاضر بقوة وفاعلية، في مختلف القضايا، وتقوم بدورها الإقليمي باقتدار، وبلا تَزيُّد.
ولا تغنينا الإشادة بنجاح السياسة الخارجية المصرية، عن الإشارة إلى حرص الرئيس السيسي على دعم القدرات العسكرية لقواتنا المسلحة، لحماية المنجزات الدبلوماسية، ولم تكن الخطوط الحمراء التي وضعها الرئيس أكثر من مرة، من منطلق القوة، إلا لحفظ التوازن الإقليمي، والحيلولة دون سقوط المنطقة في هوة الفوضى.
وبات واضحًا - للأعداء قبل الأصدقاء - أن مصر بسياستها الخارجية الحكيمة والنزيهة، هي رمانة الميزان، لضمان استقرار الشرق الأوسط، هكذا هي نظرة المجتمع الدولي لمصر تحت قيادة رئيسها عبد الفتاح السيسي.