تصدر برنامج الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية العام الماضى هدف «بناء الإنسان».. تعبير من كلمتين يحمل كل حرف منهما مسئوليات ومهام ثقيلة تكمل مسيرة التنمية وبناء الجمهورية الجديدة. تحديات يفرض نجاحها مشاركة كل الأطراف دون استثناء. تكررت الإشارة فى ملف الزيادة السكانية إلى أهمية استثمار رأس المال البشرى -كما يحدث فى عدة دول ذات كثافة سكانية عالية- لكى يصبح إحدى دعائم التطور بدلاً من كونه عبئاً يعيق تقدم الدولة. بعد استتباب الاستقرار والأمن على كل شبر فى مصر، والمضى بنجاح فى برنامج الإصلاح الاقتصادى، أصبحت الأرضية ممهدة والتوقيت مثالياً لتكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى بإطلاق مشروع تأهيل ودعم العنصر البشرى ليكون محوراً رئيسياً فى برنامج عمل الحكومة ورؤية مصر 2023. مشروع قومى للتنمية البشرية «بداية لبناء الإنسان» المعنىّ بشكل رئيسى بالعمل على ضمان حياة كريمة للمصريين وتحسين ظروف حياتهم. خطة المشروع لا تقتصر على مسار واحد، بل تتسع مساحاته إلى تحقيق تنمية بشرية شاملة على صعيد مختلف المسارات.
أبرز الإيجابيات التى تستدعى التوقف عندها فى مشروع التنمية البشرية توفير فرص عمل للشباب، وتعزيز المهارات وفتح أبواب الدخول أمامهم إلى ميادين العمل المختلفة فى إطار برنامج متكامل يحدد فرص العمل وفق المهارات التى يمتلكها كل متقدم للحصول على عمل.
المشروع يقتحم ملفات ما زالت بحاجة إلى الكثير من المراجعة والعمل الشاق لإصلاح منظوماتها مثل التعليم. الحكومة بدأت ممثلةً فى وزير التربية والتعليم الذى أصدر مؤخراً قرارات للحد من عدة ظواهر سلبية، أبرزها تلك التى تتخذ من التعليم مادة للمتاجرة وتحميل المزيد من الأعباء المادية على أهالى التلاميذ.
بالتأكيد هناك ملفات أخرى مثل تكدس الطلاب داخل الفصول، وإعادة مكانة ومستوى الفصل الدراسى كقيمة تعليمية تربوية وغيرها من الملفات الأخرى. ملف الصحة الذى مضت فيه القيادة السياسية بخطوات ظهرت ملامح نجاحها خلال الوصول إلى المواطن فى مختلف قرى مصر، على سبيل المثال لا الحصر مشروع التأمين الصحى «100 مليون صحة»، الذى أشادت به المنظمات الدولية كأكبر مبادرة تنفذها دولة فى العالم، مبادرة صحة المرأة المصرية، مبادرة الكشف المبكر عن أمراض الأنيميا والتقزم لدى أطفال المدارس، بالإضافة إلى العديد من المبادرات الأخرى المعنية بصحة الأسرة. يبقى المزيد من الرقابة والتفتيش على المستشفيات مطلوباً لضمان دقة سير العمل. ملف توفير الأدوية ما زال بحاجة إلى مراجعته بحسم، خصوصاً والحديث هنا عن ملف يمس حياة المواطن ولا يحتمل أى تأجيل فى إجراءات الإفراج الجمركى، سواء أن كان استيراد أدوية أو مكونات تصنيعها فى مصر.
ملف الإسكان، تحديداً لمحدودى ومتوسطى الدخل، شهد منذ أعوام طفرة هائلة نقلت أسراً لا حصر لها من مناطق عشوائية لا تصلح للسكن الآدمى إلى مدن جديدة ساهمت فى تحسين جودة حياة المواطن على نطاق محافظات مصر، إذ يضع المشروع القومى الضخم «بداية جديدة لبناء الإنسان» كل المقومات الأساسية والضامنة فى بناء شخصية تتحلى بالوعى وروح المشاركة فى كل المبادرات الهادفة إلى تحسين ظروف المواطن والوطن.
دور القطاع الخاص فى المشروع لا يقل عن ذلك الذى يجب أن تضطلع به جميع الوزارات والمؤسسات. جذب القطاع الخاص للمشاركة بالتأكيد من شأنه دعم المشروع القومى من منطلق أن بناء الإنسان سيوفر للقطاع الخاص مستوى أفضل للموظف والعامل فى القطاع الخاص. فى المقابل، شراكة منظمات المجتمع المدنى والعمل الأهلى ظهرت مبكراً فى عدة مبادرات. لكن اجتماع الرئيس السيسى الشهر الماضى مع رؤساء منظمات المجتمع المدنى تحت مظلة «التحالف الوطنى للعمل الأهلى والتنموى».. خطوة تنسيق وتوحيد الجهود بين هذه المنظمات بالتأكيد سيضاعف تأثير دورها بدلاً من التشتت حتى تصبح قوة فاعلة فى استراتيجية مصر للتنمية 2030.
المشروع القومى للتنمية البشرية وبناء الإنسان المصرى يعتبر من أهم المبادرات الذى يقتضى اكتمالها مشاركة إيجابية تتمثل فى استجابة المواطن، إذ كما أظهر المصريون أعلى درجات الوعى خلال مرحلة الإصلاح الاقتصادى، هم الآن شركاء مؤثرون وإيجابيون المطلوب منهم إظهار أقصى درجات الوعى والثقة فى المشاركة بكل المشاريع التى تعمل على تحسين مستوى وجودة كل ما يمس حياتهم.