احتمال أن يكون العنوان مثيراً للجدل فى ظل عدم وجود كفاءات مدربة من الصنايعية أو الفنيين ذوى القدرة على تغطية احتياجات ومتطلبات سوق العمل المتطور بشكل يومى سريع، ولكن فى ظل الاهتمام بالثروة البشرية وتوجُّه الدولة للاسثتمار فى الإنسان ودعم الابتكار وجب التنويه عن وجود طاقات بشرية كبيرة تُعد ثروة فعلية إذا تم توجيهها وتدربيها بشكل سليم من خلال التعليم الفنى والمهنى، فالتعليم الفنى -بكل مجالاته- هو جزء أساسى وحيوى من نظام التعليم، فلا يقتصر دوره على أن يسهم فى تطوير مهارات الطلاب وتحفيز إبداعهم فى مجالات الفنون والحرف اليدوية التى تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من الثقافة والهوية الوطنية، بل أصبح يؤهل مباشرةً لسوق العمل فى تخصصات شديدة الندرة والأهمية، ففى ظل الثورة الصناعية الخامسة والتطور التكنولوجى يقدم التعليم الفنى فرصة للطلاب لاكتشاف قدراتهم وتنمية مهاراتهم الإبداعية، ومن خلاله يمكن للطلاب الاحتفاظ بتراثهم الثقافى والفنى ونقله للأجيال القادمة، ولأنه يلعب دوراً حيوياً فى تنمية الفرد والمجتمع بشكل عام، حيث إنه يوفر فرص عمل، وأيضاً التعليم المهنى أقل تكلفة من التعليم الجامعى التقليدى.
التعليم الفنى يُفسح المجال للتعبير عن الأفكار بطرق ابتكارية، مما يسهم فى تطوير شخصية الطلبة وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، فيخلق القدرة على تنمية مهارات حياتية مهمة مثل الصبر، التفكير النقدى، وحل المشكلات، ولكن انخفاض جودة التعليم الفنى والمهنى يؤدى بالتبعية لنقص العمالة الماهرة، وذلك بسبب عدم هيكلة وتنظيم المعايير والمواصفات المهنية المطلوبة لسوق العمل، فيحدث خلل بين مخرجات التعليم الفنى والصناعى ومتطلبات سوق العمل المحلية والعالمية، لذا يجب أن نولى اهتماماً كبيراً لتعزيز ودعم التعليم الفنى فى المدارس والمجتمعات، ومن المهم أن يرتبط التعليم بسوق العمل لزيادة فرص التشغيل والنمو من خلال حزمة من المبادرات والاقتراحات، تبدأ بتنظيم برامج تدريبية مهنية مخصصة للطلاب والخريجين لتعزيز مهاراتهم وتأهيلهم لاحتياجات سوق العمل الحالية. يمكن أن تتضمن هذه البرامج التدريب على المهارات الرقمية، والإدارية، واللغات، والتوجيه المهنى.
وتكون الخطوة الثانية هى تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والشركات والصناعات المحلية لتوفير فرص تدريب عملى وتجارب عملية للطلاب، فتسهم هذه الشراكات فى توجيه البرامج التعليمية لتلبية احتياجات سوق العمل، وأيضاً تنظيم فعاليات توظيف ومعارض وظائف دورية للطلاب والخريجين للتواصل مع أصحاب العمل المحتملين وزيادة فرص التوظيف، ويمكن استضافة هذه الفعاليات فى المؤسسات التعليمية أو فى مراكز خدمات التوظيف المحلية.
وتماشياً مع استراتيجة الدولة لتعزيز ثقافة ريادة الأعمال وتوجيه الطلاب والخريجين نحو إنشاء مشاريعهم الخاصة، يمكن تنظيم ورش عمل وجلسات توجيه لتشجيع الابتكار والروح الريادية بين الشباب، ومن ثم تقديم خدمات متابعة وتوجيه مهنى للطلاب والخريجين لمساعدتهم فى اختيار مسار وظيفى مناسب والاستعداد للاندماج فى سوق العمل بكفاءة، فالتعليم الفنى والمهنى عنصر أساسى فى تحسين تنافسية الاقتصاد الوطنى من خلال إعداد قوة عاملة ذات كفاءة ومهارات عالية.