مؤشر عالمى يبحث كفاءة الأمن السيبراني في ١٩٧ دولة على مستوى العالم، نتيجته لعام ٢٠٢٣/٢٠٢٤ تخبرنا أن مصر ضمن الفئة الأولى التي تضم ٤٧ دولة، بل تحتل مركزاً متقدماً ضمن ١٢ دولة حققت العلامة الكاملة.
ما هى العلامة الكاملة؟ هى ١٠٠ نقطة، مقسمة لخمسة معايير، حققت مصر فيها جميعاً العلامة الكاملة، وكلها بالطبع متعلقة بالأمن السيبرانى.هو إنجاز عظيم لا شك، حين ترى اسم بلدك جنباً إلى جنب مع دول كبرى سبقت في هذا المجال، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لك أن تفخر وتسعد، لكنه إنجاز يعيدنا إلى حديث الرئيس السيسى عن البرمجة خلال افتتاح مراكز البيانات والحوسبة السحابية.
حينها، كان الرئيس السيسى يتحدث عن ضرورة دراسة البرمجة، وخصوصاً المستويات المتقدمة، وكان حديث الرئيس منطلقاً من الفرص المتاحة في هذا المجال للشباب، وأيضاً لكون الانطلاق في هذا المجال يعتبر تصديراً يحقق إيرادات بالنقد الأجنبى لصاحبه وللمجتمع.
ماذا حدث؟ سخرية متعمدة وغير متعمدة اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعى، وتشويش على ما قاله الرئيس رغم أهميته، وتقليل من أى إنجاز يمكن أن تحققه مصر في هذا المجال. النكتة، يمكن أن تكون جاذبة، مثيرة لشهوة «الشير»، لكنها في كثير من الأحيان ليست مجرد نكتة، وإنما حلقة ضمن مسلسل تضليل منظم وممنهج، هدفه التشويش عليك أنت شخصياً، وأداته الأهم هى أنت أيضاً عبر «اللايك» و«الشير»، وتناقل النكتة المسمومة.
الآن، بعد هذا المستوى الرفيع الذى وصلت إليه مصر خلال زمن قياسى، في مجال حساس مثل الأمن السيبرانى، هل كان الرئيس محقاً فيما قاله عن البرمجة وعن جدية مصر في هذا المجال، أم كانت النكت هى المحقة؟ المشكلة أن كلاماً كهذا الذى تقرأه يمكن أن يعد بالنسبة لقطاع واسع من جمهور «النكتة» مجرد تطبيل، مستندين في ذلك لوعى مزيف شكلته الـ«هاها» والبوستات المضحكة، لكنه بالنسبة لهم مصدر موثوق للمعلومة.. هذا أخطر أنواع الجهل، حين لا يدرك المصاب به أنه داخل هذه الدائرة أصلاً، فيصبح فريسة لمن يتربص به، وأداة تساعده في الوقت نفسه!