"رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".. معارك وغزوات المصريين في رمضان
"الصيام".. أحد الأعمال الروحية التي تدفع المسلمين للعمل، وإرضاء الله والتقرب إليه، من خلال الصيام والعمل الصالح، إلا أن "الجهاد" كان عنوانًا آخر، اتخذه المسلمون في الشهر الفضيل لنيل الدرجات العلا عند ربهم، فخاضوا الغزوات والفتوحات والحروب، سواء في الفترة الحالية أو التاريخ القديم، ليصبح "رمضان" على مر السنوات، ذكرى للنصر وسحق الأعداء.
بدأت أولى المعارك الحربية خلال الشهر المعظم بغزوة بدر، تبعها معارك فتح مكة والأندلس، إلى جانب معركة "عين جالوت"، التي سحق فيها المسلمون تتار "هولاكو"، وفي التاريخ الحديث، كان عبور القوات المصرية لقناة السويس وإلحاق خسائر عدة بالجيش الإسرائيلي.
- غزوة بدر الكبرى:
وقعت في العام الثاني من الهجرة الشريفة، حين خرج المسلمون بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم، ليعترضوا قافلة لـ"قريش" يقودها أبوسفيان، والتقى الجيشان في بدر يوم 17 رمضان، ونصر الله رسوله وجيشه بالرغم من قلة عددهم وعدتهم، وتذكر كتب التاريخ في هذا الصدد، أن الجيش الإسلامي كان عدده 317 فردًا، بينما كان عدد جيش المشركين أكثر من 1000 فرد، وأثمرت العقيدة القتالية لجيش المسلمين، عن تحقيق النصر وارتفاع معنويات المسلمين وعلو مكانتهم عند القبائل.
- فتح مكة:
حقق المسلمون فتحًا مبينًا على الكفار في فتح مكة، في العام الثامن من الهجرة، وتمثل في فتح مكة، المعقل الأكبر للشرك حينها، بعدما نقضت قريش الصلح الذي عقدته مع المسلمين في الحديبية، وعندما ساعدت قبيلة بكر في حربها ضد خزاعة، وأحسّت قريش بخيانتها، فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة، ليجدد الصلح مع الرسول، مع زيادة مدته، لكنه فشل وعاد إلى مكة خائبًا، ثم خرج ثانية عندما اقترب الجيش من مكة، ولم يستطع أن يفعل شيئًا، فأسلم وعاد إلى مكة ليحذر قريشًا من مقاومة المسلمين.
تحرّك ما يقرب من 10 آلاف صحابي تحت قيادة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لفتح مكة من المدينة المنورة صائمين، وفور وصول الرسول وجيشه إلى محيط مكة دخل الليل، فأمر رسول الله بإيقاد النار، فأوقد الجيش نارًا عظيمة، ما أدخل الرعب في قلوب المشركين، حتى إن المسلمون لم يلقوا أي مقاومة تذكر في حربهم.
- فتح البويب:
كانت تلك المعركة جزءًا من فتح المسلمين لبلاد "فارس"، ووقعت في 12 رمضان من العام الثالث عشر للهجرة، وكانت في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفور علم أمراء الفرس بكثرة جيوش المسلمين بقيادة المثنى بن حارثة، بعثوا إليه جيشا آخر فتوقفوا بمكان سمى "البويب" القريب من الكوفة اليوم، كان بينهما نهر الفرات، وأقاموا إلى جانبه حتى أرسل رستم مهران بن باذاناما، قائد جيوش الفرس، رسالة إلى "المثنى" قائلا: "إما أن تعبروا إلينا وإما أن نعبر إليكم"، فرد المثنى: "اعبروا"، فعبر مهران فنزل على شاطئ الفرات، وفطر المسلمين وعبأ الجيش، وطالت مدة الحرب، وقتل فيها مهران وهرب المجوس وركب المسلمون أكتافهم بقية ذلك اليوم وتلك الليلة، وغنم المسلمون مالا كثيرا وطعاما كثيرا، وبعثوا بالبشارة والأخماس إلى عمر رضي الله عنه.
- فتح النوبة:
بعدما استتب الأمر لعمرو بن العاص رضي الله عنه، سيَر حملة جنوب مصر بقيادة عبدالله بن أبي السرح لنشر الإسلام في بلاد النوبة النصرانية، ولتأمين الحدود الجنوبية لمصر، وقوبلت الحملة بمقاومة عنيفة لم تستطع التوغل جنوبا، وبعد قتال عنيف تم عقد معاهدة "حسُن الجوار" وظلت تلك المعاهدة أساس التعامل لمدة 6 قرون، تسللت معها القبائل العربية المسلمة، وتمازجت مع القبائل النوبية.
- بلاط الشهداء:
بعد فتح المسلمون للأندلس، دفعهم حماسهم لعبور جبال البرانس الفاصلة بين الأندلس وفرنسا، وكان أول من فكر في هذا الأمر موسى بن نصير، الذي أراد دخول فرنسا ثم باقي أوروبا، حتى يصل إلى القسطنطينية، حتى اهتزت أوروبا لسقوط نصف فرنسا الجنوبي في يدي أبوسعيد عبدالرحمن الغافقي خلال بضعة أشهر، وفي اليوم الثامن من رمضان هجم المسلمون على أعدائهم، ففتحوا في صفوفه ثغرة كبيرة، حتى أغارت فرقة من كتائب الفرنجة على معسكرات الغنائم.
- موقعة "عين جالوت":
بعدما استمر المغول في زحفهم المدمر، ودخلوا إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية، واستطاع "هولاكو" -حفيد جنكيز خان- إسقاط الخلافة العباسية، وقتْل الخليفة العباسي سنة 1258، وتدمير بغداد عاصمة الخلافة.
وفي يوم 25 رمضان، رحل السلطان قطز بعساكره، وكانت جموع التتار هناك، حتى قامت معركة عنيفة بين الفريقين، واشتد الأمر في بدء المعركة على المسلمين، فاقتحم قطز ميدان المعركة، وباشر القتال بنفسه، وحقق المسلمون نصرًا ساحقًا على جيش المغول وأسروا قائدهم، وأمر "قطز" بقتله.
حرب العاشر من رمضان:
حرب العزة والكرامة، خاضها الجيش المصري ضد إسرائيل، وحقق فيها نصرًا مبينًا، واسترد المصريون فيها كرامتهم التي بعثت من جديد، واستطاع تحويل مرارة الهزيمة إلى ملحمة انتصارية خالدة، بدأت في تمام الساعة الثانية ظهر 6 أكتوبر من عام 1973، والذي كان يوافق يوم عيد الغفران اليهودي، حتى استغل الرئيس الراحل أنور السادات تلك الفرصة، وحدد ذلك التوقيت "موعد للحرب" التي فاز بها المصريون فيه.