"لغز المشير": الإخوان نصبوا مصيدة لـ"الجنزورى" لإجباره على الاستقالة
تناول الكاتب الصحفى مصطفى بكرى، فى الحلقة السادسة من كتابه «لغز المشير» الذى سيصدر قريباً عن الدار المصرية اللبنانية، تفاصيل اللقاء الذى جرى بين المشير طنطاوى ووفد من مجلس الشعب برئاسة سعد الكتاتنى فى أعقاب حادث بورسعيد الذى راح ضحيته 73 شهيداً ومئات الجرحى.
ويتناول المؤلف أبعاد الأزمة التى وقعت بين نواب الإخوان فى البرلمان، وبين حكومة الجنزورى، وتفاصيل اللقاء الذى جرى بين الجنزورى والكتاتنى بحضور رئيس الأركان سامى عنان.
ويكشف المؤلف عن تفاصيل الرسالة التى حملها من الجنزورى إلى المرشد العام لجماعة الإخوان ورد المرشد عليها ورفض الجنزورى تقديم استقالته إلى البرلمان أو المجلس العسكرى.
وذكر أنه "فى الحادى والعشرين من فبراير 2012، أحالت المحكمة الإدارية العليا قانون الانتخابات الذى جرت على أساسه انتخابات مجلس الشعب إلى المحكمة الدستورية العليا، وكانت القناعة الثابتة التى تولدت لدى أعضاء المحكمة الإدارية العليا أن هذا القانون وتحديداً المادة الخامسة فيه فيها شبهة عدم الدستورية؛ لأنها أخلت بمبدأ تكافؤ الفرص، حيث أعطت الحزبيين الحق فى الترشح على المقاعد الفردية والقوائم أيضاً بينما حرمت المستقلين من حق الترشح على القوائم وقصرت ترشحهم على المقاعد الفردية".
وأضاف أنه "عندما أعلن هذا الحكم، اجتمع مكتب إرشاد جماعة الإخوان، وتلاه اجتماع للهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة للتباحث حول مضمونه، الذى أحدث حالة من القلق الشديد فى أوساط الجماعة، التى وقر فى يقينها أن المحكمة الدستورية ستلجأ إلى حل البرلمان لا محالة، وأدرك الإخوان أن الانتصار الذى حققوه سوف يذهب إلى المجهول، وأن التشريع سوف يسحب من أيديهم مرة أخرى".
وتابع أنه "بدأت انتقادات النواب الإخوان تتصاعد، ولكنها اتخذت أشكالاً متعددة، وجرى خلالها توجيه اللوم إلى الحكومة وأعضائها بالتقصير والفشل فى حل مشاكل الشعب المصرى، وفى هذا الوقت تعددت اللقاءات بينى وبين الدكتور الجنزورى فى مكتبه بالهيئة العامة للاستثمار أو بمقر مجلس الوزراء فى قصر العينى، ودعانى الجنزورى إلى لقاء عاجل فى مكتبه، سألنى عن رأيى فى إصرار رئيس مجلس الشعب والنواب لإلقاء بيان للحكومة أمام المجلس، فقلت له رغم أن الإعلان الدستورى لا يلزمك بذلك، إلا أن حضورك وإلقاء بيان أمام البرلمان هى مسألة ضرورية".
جاء الجنزورى وألقى بيانه أمام مجلس الشعب فى السادس والعشرين من فبراير 2012. وقد قوطع من الإخوان وبعض الليبراليين أكثر من مرة، وبحسب الكاتب، "أدرك الجنزورى أن هناك مصيدة قد نصبت له بهدف دفعه إلى الاستقالة، غير أنه كان قوياً ومتماسكاً، وظل يلقى بيانه الشفهى لأكثر من خمسين دقيقة دون تردد أو أخطاء، وعندما قلت له إن الإعلان الدستورى لا يعطى البرلمان حق سحب الثقة من الحكومة قال: إذن يشكل المجلس العسكرى حكومة انتقالية مؤقتة بشرط أن ينص فى مرسوم التشكيل على حق حزب الأكثرية فى تشكيل الحكومة الجديدة التى سوف تعقب الانتخابات الرئاسية".
وأكد "بكرى"، قائلًا: "لم يعجبنى كلام المرشد وشروطه المجحفة، فهمت الرسالة، وحاولت أن أتطرق إلى موضوع آخر، سألته عن مدى صحة أن جماعة الإخوان قررت الدفع بخيرت الشاطر للترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، قال لى دون تفكير: لقد اجتمع مجلس شورى الجماعة أمس الجمعة وهو يتجه إلى اتخاذ قرار نهائى بترشح الإخوان فى انتخابات الرئاسة.. عندما سألته عن رأيه قال إنه يرى أن الوقت غير مناسب، وأنه كان يفضل استجابة المجلس العسكرى لحق الإخوان فى تشكيل الحكومة".
وتابع: "خرجت من مكتب الإرشاد وقررت اللحاق باجتماع مجلسى الشعب والشورى الذى كان منعقداً فى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، لانتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور وقد أجريت اتصالاً بالدكتور الجنزورى أبلغته فيه بمضمون ما جرى بينى وبين المرشد، فطلب منى أن نلتقى فى اليوم التالى لمناقشة البدائل سوياً، وعندما وصلت إلى قاعة المؤتمرات، كانت الأجواء متوترة، بدأت انتخابات الجمعية التأسيسية، ونجحت القائمة التى أعدتها جماعة الإخوان، وضمت 50٪ من أعضاء مجلسى الشعب والشورى و50٪ من الهيئات والأحزاب وأساتذة القانون وممثلى المؤسسات. وقد أثار هذا التشكيل ردود أفعال رافضة بين الأحزاب وفى أوساط الشارع المصرى، وبعد انتخاب أعضاء الجمعية بدأت الحرب المكشوفة، بين الإخوان والقوى الليبرالية والمجتمعية مما استدعى تدخل المجلس العسكرى لإيجاد حل توافقى للأزمة فى هذا الوقت".