خبر صغير نُشر منذ أسابيع قليلة يفيد بموافقة جامعة الدول العربية بشكل نهائى على إنشاء الوكالة العربية للأدوية، التى أطلق عليها «وعد» نسبة للحروف الأولى لاسمها.. الخبر شديد الأهمية لقطاع الدواء المصرى ولكنه للأسف لم يحتل موقعه الحقيقى بين الأخبار المهمة على مواقع التواصل أو فى الصحف المصرية..!
الخبر مبهج لكل من يهتم بهذا القطاع الحيوى.. بل ولكل من يعمل فى القطاع الصحى بشكل عام.. فللمرة الأولى يصبح هناك كيان عربى موحد لتسجيل الأدوية المتداولة وتسجيل مصانع الأدوية فى المنطقة العربية بشكل كامل.. وهو ما سيجعل عملية تصدير الأدوية بين الدول العربية بأكملها تخضع لمعايير موحدة.. ويجعل تداول الأدوية عربية المنشأ يصبح أسهل بكثير بين الدول العربية..!
كواليس التفاوض بين الدول العربية لإنشاء هذه الوكالة لم تكن سهلة على الإطلاق.. فالعديد من العوامل والمعايير كانت متداخلة لإبرام هذا الاتفاق.. كل دولة تبحث عن حماية صناعة الدواء لديها.. والكل يسعى للحصول على أكبر قدر من المكاسب..!
الوكالة تم إقرار مقرها الرئيسى على أرض مصر.. وهو إنجاز يُحسب لسيادة الوزير خالد عبدالغفار بشكل رئيسى.. ولوزارة الصحة المصرية التى خاضت معركة التفاوض بقوة وإرادة حقيقية.
إن مشاكل الرعاية الصحية فى هذا الوطن على مر العصور لم تكن بالهينة أو القليلة أبداً.. ولكن بين كل تلك المشكلات يظل ملف الدواء هو العنصر الأكثر خطورة وتأثيراً فى المشكلة كلها مهما حاولنا تفكيكها أو التعمق فى جذورها..!
ينبغى أن نعترف أن ملف الدواء فى مصر فى حاجة إلى نظرة شاملة.. فالدواء سلعة ذات طبيعة خاصة جعلت من الأمن الدوائى وتحقيقه هدفاً لكل دولة.. ومصر كان لها السبق عن كثير من دول العالم فى تصنيع الدواء منذ النصف الأول من الألفية الماضية.. وعلى الرغم من عراقة الأمر، فإنها تعتبر من أكثر الدول التى لم يتحقق بها «الاستقرار الدوائى» حتى الآن.. وهو أمر لا يقل أهمية فى رأيى عن كل ملفات الأمن القومى المتداولة..!
إن أحد أهم التحديات التى تواجه صناعة الدواء فى مصر هى عملية التصدير.. فعلى الرغم من عراقة هذه الصناعة فى مصر، فإنها ما زالت تواجه تحدياً ليس بالهين فى عملية التصدير.. والسبب الرئيسى فيه هو تسجيل الأدوية فى الدول الأخرى..
الوكالة العربية للأدوية «وعد» ستصبح وسيلة فعالة لتسجيل الأدوية المصرية فى كل الدول العربية بشكل موحد.. وستسمح بتداول الأدوية المصرية فيها دون معوقات إضافية بعد أن يتم تسجيل العقار والمصنع فى الوكالة طبقاً لمعايير موحدة.. فالتسعير المصرى للدواء يجعل فرص تداوله أكبر بكثير من غيره من الأدوية من دول أخرى..!
الموافقة على إنشاء الوكالة هو خبر مبهج لقطاع الدواء المصرى كله.. فقط يبقى التحرك بشكل عاجل لتحديد مقر الوكالة فى مصر.. وتسمية الممثل المصرى بها.. فهى إجراءات شديدة الأهمية وتحتاج إلى سرعة فى تنفيذها.. فما أحوج هذا القطاع إلى أن يسير بخطوات سريعة.. وأن تعود صناعة الدواء المصرية إلى وضعها الطبيعى وقيمتها الحقيقية.. أو هكذا أعتقد..!