فى نهاية قمة البريكس، وقف الرئيس الروسى فيلاديمير بوتين وهو يحمل بين يديه ورقة نقدية تحمل أعلام الدول المشاركة فى البريكس+، علقت عليها السفارة الروسية فى القاهرة لاحقاً بالقول إنها الورقة النقدية الرمزية لدول البريكس، وترمز إلى العمل المشترك الذى يتم تنفيذه فى إطار مجموعة البريكس.
تعليق السفارة الروسية يعنى أنها ليست عملة نقدية قابلة للتداول، أى إنها لا تحمل قيمة مالية، لكن دلالتها الرمزية شديدة الأهمية والخطورة، إذا ما وضعت فى نفس السياق مع ما قاله بوتين نفسه خلال القمة، عن العالم متعدد الأقطاب الذى يجرى تشكيله.
كانت هذه الجملة هى العنوان الرئيسى لقمة البريكس التى عُقدت فى قازان، والتى حرصت روسيا خلالها على أن تنفى نجاح أى محاولة لعزلها عن العالم، فالقمة التى حضرها وفود مما يزيد على الـ30 دولة، كانت تناقش النظام العالمى الجديد أيضاً.مجموعة البريكس منذ نشأتها، كانت تستهدف إنهاء الهيمنة الأمريكية على العالم، ثم تحول هذا الهدف فى الأعوام الأخيرة إلى استراتيجية مُلحة، خصوصاً لدى روسيا والصين، اللتين تخوضان منافسة شرسة تتصاعد يومياً مع الولايات المتحدة.
ورغم أن الورقة النقدية لا تزال مجرد ورقة رمزية، فإنها إلى جانب القمة وما جرى فيها، فضلاً عن التفاعلات العالمية فى السنوات الأخيرة، كل ذلك يمثل نهاية لعالم قديم، نهاية بدأت قبل سنوات وليس اليوم أو خلال القمة، بل إن كل الصراعات التى تجرى فى أرجاء المعمورة حالياً ليست إلا مخاضاً للعالم الجديد، الذى تجمع التقديرات تقريباً على أنه سيكون واقعاً بحلول 2030.
لكن اللافت أن تقريراً للإيكونوميست قبيل انطلاق قمة البريكس، حمّل الولايات المتحدة ضمنياً مسئولية كل ما يجرى من انهيار للأحادية القطبية، حيث تطرق لاستخدام واشنطن للأدوات المالية الدولية، مثل نظام «سويفت» فى معاقبة خصومها، على غرار ما حدث مع روسيا ومن قبلها إيران، فضلاً عن انسحاب شركتى فيزا وماستركارد سريعا من روسيا فى أعقاب الحرب مع أوكرانيا.. كل ذلك -حسب الإيكونوميست- جعل أطرافاً أخرى تفكر فى خطورة استمرار أوراق اللعبة كاملة فى يد الأمريكيين.
على أى حال، البريكس لن يقدم بديلاً آنياً كاملاً للهيمنة الأمريكية على نحو ينهى الثقل الأمريكى، هذا الأمر لن يحدث فى المدى المنظور، لكن المؤكد أيضاً أن العصر الذهبى الأمريكى قد ذهب بلا عودة، وأن على واشنطن أن تتقبل من الآن أنها لاعب كبير فى ملعب يتسع لغيرها، وأنها ليست المتحكم الأوحد.