ماراثون سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الذى سيبدأ مع بداية تصفحك لهذا المقال اليوم، ماراثون معقد، وشروط مكسبه كثيرة ومتشابكة، وطريقة حساب الأصوات وتقسيم ثقل ومكانات الولايات غامضة ومبهمة، وأعقد من معادلات الفيزياء!، والتنبؤ بنتيجتها أصعب من التنبؤ بنتيجة كأس العالم لكرة القدم!.
هناك عدة قضايا وملامح تساعدك فى الاقتراب من التوقع الموضوعى لساكن البيت الأبيض، والجالس القادم على المكتب البيضاوى، وحالف القسم فى ٢٠ يناير ٢٠٢٥، أولى تلك القضايا هى القضية الاقتصادية، وعد المرشح الجمهورى «ترامب» بفرض رسوم جمركية «بأكثر من 10 فى المائة» على كل الواردات، وتخفيض الضرائب.
وتعهدت «هاريس»، المرشحة الديمقراطية، بتقديم تخفيض ضريبى للعائلات التى تنجب طفلاً، ومساعدة لشراء أول منزل، وبإعطاء دفع لإنشاء شركات، القضية الثانية المؤثرة هى قضية الهجرة، «ترامب» غازل الجماهير ببناء جدار على طول الحدود مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين، ووعدهم بأكبر عملية ترحيل مهاجرين غير قانونيين فى تاريخ البلاد لمن سماهم الجحافل التى سممت دماء أمريكا، لكن «هاريس» كانت أهدأ وأقل عنفاً فى تصريحاتها، واكتفت ببحث أوضاعهم القانونية.
ثالث تلك القضايا هى قضية الإجهاض، وهى قضية اجتماعية حساسة، اتخذ فيها «ترامب» موقفاً متحفظاً خصم من رصيده عند الكثير من النساء اللاتى يطالبن بحق الإجهاض، ولا ينسين له تعيينه لثلاثة من قضاة المحكمة العليا المحافظين الذين شطبوا الحماية الفيدرالية لحق النساء فى الإجهاض، وألغوا فى يونيو 2022 حكماً بهذا الصدد كان صادراً فى عام 1973، ومنذ ذلك الحين، فرضت عشرون ولاية على الأقل حظراً كاملاً أو جزئياً على الإجهاض، على عكس «هاريس» التى تحمّل «ترامب» وتتهمه بأنه السبب فى الوضع الحالى الذى تصفه بأنه «مروع ومؤثر»، داعية إلى إصدار قانون فيدرالى يرسى أو بالأصح يسترجع هذا الحق.
القضية الرابعة هى السياسة الخارجية، خاصة أوكرانيا وإسرائيل، فبالنسبة لأوكرانيا ينتقد «ترامب» تلك المصاريف الرهيبة على «كييف» والتى تستنزف أمريكا، أما «هاريس» فقد وعدت بأنها ستقف «بحزم إلى جانب أوكرانيا» ولن «تصادق الطغاة»، على حد تعبيرها، أما إسرائيل فمن سيزايد أكبر فى الدعم هو الذى سيحقق النصر، وهى تقريباً القضية الوحيدة التى اتفق عليها المرشحان.
أما القضية الأخيرة فهى قضية المناخ، خاصة ما يسمى بالغازات الدفيئة، وهى باختصار الغازات مثل (ثانى أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروز، والغازات الفلورية)، التى تسهم فى ظاهرة الاحتباس الحرارى بامتصاص وإعادة انبعاث الأشعة تحت الحمراء من الأرض مما يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوى، وقد وعد «ترامب»، غير المقتنع بالظاهرة أصلاً، بالعودة عن الدعم الممنوح للطاقات المتجددة والآليات الكهربائية، كما تعهد بتنشيط التنقيب واستخراج النفط والخروج مجدداً من اتفاق باريس، أما «هاريس» على الجانب الآخر، فتعهدت بـ«مواصلة وتطوير الزعامة الدولية للولايات المتحدة بشأن المناخ»، كما أنها تؤيد ما أطلق عليه «الصفقة الخضراء الجديدة» الرامية إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات الدفيئة.
تلك القضايا هى التى ستحسم، لكن هناك أيضاً الولايات التى يسمونها المتأرجحة المراوغة، وهى سبع ولايات، وهى التى تشكل عنصراً حاسماً فى المكسب، أولاً بنسلفانيا «19 صوتاً فى المجمع»، ثانياً جورجيا «16 صوتاً»، ثم كارولاينا الشمالية «16 صوتاً»، ثم ميتشجان «15 صوتاً»، وأريزونا «11 صوتاً»، وويسكنسن «10 أصوات»، ونيفادا «6 أصوات».