انطلقت الانتخابات الأمريكية 5 نوفمبر 2024، والتى تؤكد التقارير الدولية أنها الأغلى فى التاريخ، بتكلفة تقدر بـ15.9 مليار دولار أمريكي تم إنفاق الجانب الأكبر منها على الإعلانات.
ترامب وهاريس يشتركان في سمة واحدة وهي الخوف من الهزيمة، أما الأجهزة الأمنية الأمريكية فهي تخشى من أحداث عنف متوقعة كما حدث من قبل بعد خسارة ترامب فى انتخابات 2020، ولذلك سارعت بإقامة سياج حديدى حول البيت الأبيض فى واشنطن وكلا المرشحين يسابق الزمن لكسب أصوات الانتخابات الأمريكية، وتُظهر نتائج استطلاعات الرأى تقارباً كبيراً بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، الأمر الذى منح الولايات المتأرجحة أهمية قصوى وأدى إلى تفرغ كل من ترامب وهاريس لزيارة الولايات المتأرجحة من أجل حسم النتائج.. ترامب زار بنسلفانيا على الرغم من تعرضه لمحاولة اغتيال بها، وخاطب الأمريكيين من خلال صندوق زجاجى واشتكى من وجود ثقوب فى الصندوق، أما هاريس فقد فضلت أن تدلى بصوتها عن طريق البريد ولا تذهب إلى مسقط رأسها من أجل الوصول إلى الناخب الأمريكى فى الولايات المتأرجحة.. فمن ينجح منهما؟ الإجابة عن السؤال صعبة للغاية خصوصاً أن أياً من المرشحين لم يحقق هامشاً للفوز أكبر من ثلاث نقاط فى أى من الولايات السبع المتأرجحة التى يتوقع أن تحسم النتيجة.
ويُجمع المحللون السياسيون على أن مفتاح فوز هاريس فى السباق الرئاسى يعتمد على السود واللاتينيين، وعلى تعزيز موقفها معهم، وأحد أهم الأسئلة التى تواجه الديمقراطيين فى هذه الانتخابات هو ما إذا كانوا سيحافظون على الدعم من بين الناخبين السود واللاتينيين، وكان بايدن قد حصل فى عام 2020 على 92% من أصوات السود، و59% من اللاتينيين.
مفتاح مهم آخر للفوز، عملت هاريس خلال حملتها الانتخابية على تعزيز موقفها فى الضواحى واستمالة الجمهوريين المعتدلين والمستقلين من يسار الوسط والمعتدلين الذين لا يرضيهم ترامب. واستعانت برموز من الجمهوريين مثل النائبة السابقة ليز تشينى.
وكان الناخبون فى الضواحى من المتعلمين والبيض نقطة مضيئة لهاريس فى هذا السباق، لاسيما أن ترامب لم يبذل أى جهد للاحتفاظ بخُمس الناخبين الذين اختاروا نيكى هيلى فى السباق التمهيدى الجمهورى. وهؤلاء قد يمنحون هاريس دفعة مهمة لأنهم يميلون إلى المشاركة فى انتخابات تلو الأخرى.
وسبق أن قدمت هاريس مجموعة من التعهدات السياسية التى تشمل قضايا مثل حقوق العمال، والرعاية الصحية، وحقوق المساواة. تعهدت بتوسيع نطاق قانون المساواة لحماية أفراد مجتمع «+ LGBTQ» من التمييز، وبتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية من خلال وضع سقف لأسعار الأدوية وتوسيع الدعم للرعاية المنزلية. كما أظهرت التزاماً بزيادة عدد برامج التدريب المهنى وتوسيع نطاق الإجازات العائلية المدفوعة.
ومن المتوقع أن يهيمن ترامب فى المناطق الريفية والأجزاء الأقل تعليماً من البلاد. ولو كان أداؤه فائقاً فى هذه المنطقة، مثلما فعل فى الانتخابات السابقة، فإن هاريس ستحتاج بقوة إلى زيادة هامش تفوقها بين البيض الجامعيين الذين فضلوا بايدن بنسبة 15% فى 2020.
أما أهم أولويات هاريس فى الأمتار الأخيرة فهى تقليص فجوة الثقة التى يتمتع بها ترامب لدى الناخبين فيما يتعلق بتعامله مع الاقتصاد، حيث تمثل أزمة تكلفة المعيشة إحدى أهم أولويات الناخبين فى الولايات المتأرجحة.
واعتقد فريق المرشحة الديمقراطية أن عليها القتال من أجل أن تستميل الناخبين فى مسألة من يهتم بهم أكثر، وهو ما حاولت هاريس فعله مراراً خلال نشاطها الانتخابى. وتشير بعض الاستطلاعات إلى أنها نجحت فى تحييد الاقتصاد، لكن السؤال هو ما إذا كان هذا سيمتد للناخبين المشاركين بالتصويت؟
ويعتبر موضوع الإجهاض من أهم الملفات فى السباق الرئاسى وهو الذى يدفع النساء إلى صناديق الاقتراع وكل المؤشرات توحى بفجوة كبيرة، حيث تتجه النساء لتأييد الديمقراطيين، والرجال، بمن فيهم غير البيض الذين طالما أيدوا حزب هاريس، فيتجهون صوب الجمهوريين. وهذه الانتخابات يمكن أن تسفر عن واحدة من أكبر الفجوات بين الجنسين فى التاريخ الحديث، وتتوقف على أىٍّ من الجانبين، سواء النساء أو الرجال، سيشارك بأعداد أكبر.
وركزت هاريس على الإجهاض والاستقلالية الإنجابية فى محاولة لجذب الناخبات، مستغلة نجاح ترامب فى إلغاء الحق فى الإجهاض من خلال القضاة الثلاثة المحافظين الذين عيّنهم فى المحكمة العليا الأمريكية.
وفى الأمتار الأخيرة أيضاً تحدث البعض عن افتقار ترامب نسبياً للأداء على الأرض، وأنه اعتمد بدلاً منه على وضعه كشخصية مشهورة للوصول إلى الأنصار، واستعان بمصادر خارجية للقيام بهذه المهمة مثل حليفه الملياردير إيلون ماسك، الذى لا يتمتع بخبرة فى هذا المجال.
لكن ترامب فاز فى عام 2016 رغم أدائه المتذبذب وفى عام 2020، اعتقد بعض الديمقراطيين أنهم لم يحققوا الأداء المرجو بسبب عدم وجود أداء على الأرض تقريباً بسبب كورونا، فى حين كان الجمهوريون أكثر انفتاحاً. والآن، يعتمد الديمقراطيون على الأداء على الأرض لتحقيق النتائج.