جُملة ساحرة، حقيقية، موضوعية، نطقت بها «كريستالينا جورجييفا» مدير عام صندوق النقد الدولى، جُملة توقفت أمامها طويلاً لأنها لخصت واقعاً لا بد أن يتم التركيز عليه، وعلينا إبرازه والتأكيد عليه دوماً، قالت «إن مصر أصبحت أكثر أماناً فى عالم يتسم بالكثير من الصدمات»، هُنا لا بد من توضيح كيف وصلت «مصر» إلى الاستقرار الأمنى بعد أن دخلت دوامة الفوضى والعنف منذ أحداث «25 يناير 2011»؟، وتوضيح - أيضاً - أن «مصر» عانت الأمرين من جراء اقتحام السجون وحرق أقسام الشرطة والمحاكم، أقول ذلك حتى لا ننسى أن هناك أبطالاً فى الجيش والشرطة دفعوا حياتهم ثمناً لأمن واستقرار الوطن واستشهدوا خلال المواجهات مع الإرهابيين.
كانت ظروف مصر بعد «أحداث 25 يناير 2011» صعبة، فقد انتشر السلاح فى الشوارع وحَمَله المتطرفون لترويع الشعب وتهديد كل من يخالفهم فى الرأى ومن لم ينتسب لهم ومن لم يتحالف معهم، التكفير ساد والمكَفِّرون خرجوا من القُمقُم، وقتها شعرنا بأن هؤلاء ليسوا مِنا، أغراب عنا، ولاؤهم للخارج، هدفهم الخلافة، الوطن بالنسبة لهم حفنة من التراب العفن مثلما قال عرّابهم -الذى علمهم التطرف وساروا على دربه- سيد قطب.. بصراحة: كان الخوف على «مصر» يملأ قلوبنا، لم يكن هناك أى حديث عن المشروعات القومية والإنجازات والبناء والمستقبل، هُدِم بداخلنا أى طموح، وصلت بنا الحال إلى فقدان الأمل فى بعض الأوقات، ومع مرور الوقت سيطروا على البرلمان، ظهروا فى الإعلام وأشاعوا جواً من الفتنة واختلفوا مع الشعب المصرى فى كل شىء، الدستور عدّلوه، الشارع سيطروا عليه، الجمعيات الخيرية التهموها والتهموا أموالها واستحلوها لأنفسهم، النقابات ومنظمات المجتمع المدنى اخترقوها، الشرطة حاولوا إفسادها، كل مؤسسات الدولة كانت قاب قوسين أو أدنى من الضياع على أيديهم.
صعدوا للسلطة، ودخلوا مرحلة تنفيذ مخطط التمكين والسيطرة على «مصر»، أرسلوا عناصرهم للتدريب على ضرب النار وكيفية تصنيع العبوات الناسفة والمتفجرات فى الخارج فى معسكرات تدريب الإرهابيين فى سوريا، أخرجوا قيادات الإرهاب من السجون، أدخلوا ملايين قطع السلاح وخزّنوها فى مزارعهم فى وادى النطرون، وحينما ثار عليهم الشعب هددوه، نجحت الثورة فى «30 يونيو 2013» فظهرت خلاياهم الإرهابية المدربة على تصنيع العبوات الناسفة وشكّلوا تنظيمات أهدافها واحدة لكن أسماءها مختلفة واستقر بعضهم فى سيناء، أشعلوا البلاد بالعبوات الناسفة.. غاب الأمن ولكن لم يغب الأمل فى أن هذا الوطن سينعم بالاستقرار ولو بعد حين.
واجه الرجال فى الجيش والشرطة مجموعات كثيرة من التنظيمات الإرهابية، توصلوا إلى عناصرهم وقاداتهم وتمويلهم وتم تقديمهم للعدالة ونالوا جزاءكم، عمّ الأمن «مصر» من أسوان للإسكندرية، فاطمأن الشعب المصرى.. بدأت عمليات البناء وعمت التنمية أرجاء البلاد، مشروعات هنا وتطوير هناك، تغيرت صورة «مصر» بالكامل.. فأصبحت «جمهورية جديدة عن حق».. صعد الشباب لتولى المسئولية، تم فتح آفاق جديدة لأجيال جديدة، جامعات ومستشفيات ومدارس وطرق وكبارى وموانئ ومدن جديدة، فأصبحت «مصر» بلا عشوائيات وأصبحت -أيضاً- قادرة على استيعاب الاستثمارات العربية والأجنبية رغم الصدمات ورغم المواجهات والحروب وعدم الاستقرار الذى يحيط بمنطقة الشرق الأوسط، فإن «مصر» آمنة ومُطمئنة وجاء إليها الأشقاء العرب وهُم يطلبون العيش فى أمان بعد أن مَرَّت بلادهم بمِحَن وشدائد، وأصبحت «مصر» مهبط المستثمرين الجادين الباحثين عن «الأمن والمكسب والتوسع والتصدير».