«المخدوع» يحتاج لجردل من الثلج لكى يتم سكبه على رأسه حتى يستيقظ من سذاجته.. أما «الموهوم» فيحتاج لصفعة على وجهه لكى يستفيق من وهمِه.. أما «المغرور» فيحتاج لمن يُعطيه درساً فى الحياة لكى يوقِظه من حالة الأنا التى يعيش فيها.. وكل هؤلاء يحتاجون لمن يُزيح عنهم الغبار ويزيل كل صفات (البارانويا) التى يتسمون بها. هذا تحديداً ما حدث فى الانتخابات الأمريكية، فقد تَقَدَّم «دونالد ترامب» فى الانتخابات الأمريكية، واكتسح الأصوات فى عدد من الولايات، وعاد حزبه الجمهورى أقوى مما كان فى أى وقت مضى، وسيطر على مجلس الشيوخ وحقق نجاحاً مُذهلاً فى مجلس النواب، وحقق أعظم عودة سياسية للجمهوريين فى تاريخهم، ونكسة للديمقراطيين، وكسر أنف الحزب الديمقراطى وقياداته الذين تصارعوا لسنوات طويلة وتركوا «جو بايدن» على رأس السلطة، رغم أنه غير قادر على القيام بمهامه، وتركوه ليُرَشح نائبته «كامالا هاريس»، رغم أنها لم تحصل على تأييد قواعد الحزب ولم تكُن شعبيتها تسمح بترشحها، وكان الكرسى مطمعاً لعدد من الشخصيات القوية المتجذرة فى الحزب منذ سنوات طويلة، كان أعضاء الحزب الديمقراطى مخدوعين وموهومين ومغرورين، خدعهم الإعلام الذى سيطروا عليه، تم إيهامهم بأن الهجوم على «ترامب» هو السبيل للفوز بالانتخابات، ولم يدركوا أن المجتمع الأمريكى يعانى من مشكلات كبرى وعليهم العمل على مُعالجتها ومنها الأزمة الاقتصادية والنظر للضرائب التى تكسر ظهر الأمريكان، وبالتأكيد فشلهم فى التعامل مع أزمات الشرق الأوسط كان العامل الذى ساعد على سقوطهم، فلم يوقفوا الحرب فى غزة وفشلوا فى تحجيم الصراعات بل زادوها بممارساتهم.. هذا فضلاً عن أن «هاريس» مُتهمة بأنها شريكة «بايدن» طوال السنوات الأربع الماضية، وكان دورها سلبياً، وما وعدت به الأمريكان خلال حملتها الانتخابية لماذا لم تُنفذه طوال فترة وجودها بجوار «بايدن»؟
فى (28 يونيو الماضى) قلت بالحرف الواحد: (ارتفاع نسبة التشرد فى المجتمع الأمريكى ساعد على زيادة حالة الغضب لدى الرأى العام الأمريكى، خاصة بعد ظهور إحصائية نُشرت فى عدد من وسائل الأمريكية كشفت خلالها عن أن عدد المتشردين فى أمريكا وصل إلى 6 ملايين مُتشرد مُنتشرين فى شوارع الولايات الأمريكية، كما أن هناك معاناة شديدة بسبب ارتفاع الأسعار بدرجة غير مسبوقة، خاصة أسعار السلع والخدمات، قضية الهجرة سببت قلقاً شديداً لدى الرأى العام الأمريكى بعد الزيادة الملحوظة فى عدد المهاجرين لأمريكا من ناحية الجنوب والمشكلات التى سببتها واتهام المهاجرين بأنهم السبب فى تزايد تهريب المخدرات على الحدود، وهى القضية الحاسمة التى يرفضها «دونالد ترامب» ويعمل على بَترها من المجتمع الأمريكى ويُشدد على ضرورة غلق الحدود فى وجوه المهاجرين).
وفى (١٥ يوليو الماضى) قلت بالحرف الواحد: (من الواضح أن «ترامب» لديه طاقة كامنة بداخله -ومعه أنصاره فى الحزب الجمهورى- لتحقيق الانتصار فى الانتخابات القادمة، والمناظرة الأخيرة مع «بايدن» كشفت عن أن لديه خططاً جديدة يستعد لتنفيذها لنيل ثقة الأمريكان، لكنه فى نفس الوقت يشعر بأن لديه «تار بايت» مع «بايدن» وأنصاره فى الحزب الديمقراطى بعد خسارته الانتخابات السابقة).
فى (22 يوليو الماضى) قُلت بالحرف الواحد: (يخطئ من يعتقد -أو يظن- أن طريق «كامالا هاريس» نحو الفوز بترشيح الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية مفروشاً بالورود، فالطريق صعب، وَعِر، وليس مُمهداً بالقدر الكافى، وهناك عراقيل عِدة). وفى (11 سبتمبر الماضى) قلت بالحرف الواحد: (خلال المناظرة مع «ترامب» فَعلت «هاريس» المتفق عليه وظلت تهاجم «ترامب» شخصياً وتتحدث باسم الأمريكان وتقول له: الأمريكان يرفضونك ولا يريدونك، وهى بذلك تتحدث باسم الأمريكان، وهذا أغضب «أنصار ترامب» غضباً شديداً). إذاً كانت هناك مؤشرات لفوز الجمهوريين يُدركها الجميع إلا الديمقراطيون لم يدركوها، لكنهم بالتأكيد أدركوها الآن بعد أن فقدوا السيطرة على البيت الأبيض والكونجرس.