ينتظر العالم، خاصة شركات الإنتاج السينمائى والفنانين والمنتجين، نتائج جوائز الأوسكار التى تُعلن فى نهاية العام، ثم يتم توزيعها فى حفل يشهده العالم كله على محطات التليفزيون فى مطلع العام الجديد. ومن المنتظر أن يُقام فى مارس 2025 الحفل الذى يحمل رقم 97 لتكريم أفضل الأفلام التى عُرضت طوال عام 2024. وجوائز الأوسكار هى جوائز للجدارة الفنية والتقنية فى مجال صناعة السينما، حيث تُمنح لأفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل ممثلة وتتدرّج الجوائز من ممثل ثانٍ إلى مخرج إلى ديكور الفيلم إلى السيناريو، لتصل إلى أفضل فيلم رسوم متحركة وأفضل فيلم قصير وأفضل فيلم حى وأفضل فيلم وثائقى، حيث يبلغ عدد الجوائز 42 جائزة. والأوسكار هى جائزة الأكاديمية للجدارة، وهو اسم غير متداول، حيث اشتُهرت الجوائز بالأوسكار. وهذه الجائزة الذهبية أبدع فى نحتها چورچ ستانلى من رسم تخطيطى لتصميم لسيدريك جيبونز، قدمتها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة لأول مرة عام 1929 فى عشاء خاص استضافه دوجلاس فيربانكس فى فندق هوليوود روزفلت، وهو الحدث الذى عُرف بعد ذلك باسم جوائز الأوسكار الأولى. وقد بث هذا الحفل لأول مرة عن طريق الراديو عام 1930، وبدأ بثه سنوياً على التليفزيون فى عام 1953، ويُعتبر هذا الحفل أقدم حفل توزيع جوائز ترفيهية، كما تُعتبر الجائزة أقدم جوائز الترفيه الأمريكية السنوية الأربع المعروفة، حيث توجد جوائز إيمى للتليفزيون، وجوائز تونى للمسرح، وجوائز جرامى للموسيقى. وتمثال الأوسكار الذى يحلم بالحصول عليه فنانو العالم يبلغ طوله 34 سم ووزنه 3.85 كجم، وهو على شكل فارس يحمل سيفاً يقف على شريط فيلمى ومصنوع من البريتانيوم، الذى هو خليط من القصدير والنحاس ويُطلى فى المرحلة الأخيرة من التصنيع بطبقة من الذهب. ومن المفارقات أن جائزة الأوسكار الذهبية لم تكن ذهبية لفترة معينة من الزمن خلال الحرب العالمية الثانية، بسبب النقص فى المعادن وقتها، حيث صنعتها الأكاديمية فى تلك الفترة من الجص المصبوغ باللون الذهبى، إلا أنّها أتاحت للفائزين وقتها الحق فى استبدالها بتماثيل ذهبية بعد انتهاء الحرب.
والمنافسة على هذه الجائزة شديدة للغاية هذا العام، فالأفلام المعروضة والمرشّحة اشتركت فيها أسماء شهيرة لرؤساء وزعماء وملوك وقادة عسكريين ومحللين سياسيين ومنجمين وقارئى الطالع وخبراء الاقتصاد العالمى وممثلى البنك الدولى وأشهر المنظمات الدولية وفروعها والباحثين عن كراسى الحكم والنفط العربى ومناجم الذهب وآبار الغاز الطبيعى والأراضى المطلة على البحار والجزر السياحية والرمال الساخنة ومورّدى الطعام وأصحاب البنوك الخاصة وزارعى المحاصيل الاستراتيجية وأصحاب المصانع الكبرى والمبرمجين ومتخصصى الذكاء الصناعى. كما أن هناك أفلاماً طويلة ستدخل هذه المنافسة، وأهمها تلك الحرب المستمرة لأكثر من عام، والتى يلعب دور البطولة فيها أبناء فلسطين وقادتها وشهداؤها، وهؤلاء الأطفال الذين يحملون أوعية صغيرة بحثاً عن حفنة أرز أو كسرة خبز أو شربة ماء، والأقسى والأكثر ألماً هؤلاء الأيتام الذين يقومون بجميع أدوار العائلة لأشقائهم الرّضع بعد أن فقدوا كبار الأسرة، ولم يعد لديهم حتى صورة تذكرهم بملامحهم، أما صور المستشفيات والأطقم الطبية وشهدائهم والجثث المتناثرة فى طرقات المستشفيات، فمن المؤكد أنها ستُنافس على البطولة الجماعية هذا العام فى الأوسكار، أما الدور الأول للبطل فبدون شك سيذهب إلى أحد الشهداء وما أكثرهم، ففى اللقطات التى تسبق الرحيل كانت تعابير الوجه والإصرار على الفوز بالشهادة والإقدام ومحاولة النيل من المغتصبين تؤهلهم للحصول على الأوسكار بجدارة. أما الجائزة الأولى للسيدات فتتنافس عليها المرأة الفلسطينية التى تحتضن الصغار وتخبز الطعام وسط الأنقاض وتجمع بقايا الزوج والابن بكل شموخ وشجاعة دون حاجة إلى مواساة أو أيدٍ تشد على يديها. وهناك جائزة الموسيقى التصويرية للفيلم، والتى تتأهب لأصوات طلقات المدفعية والقنابل وأزيز الطائرات وخطوات الأعداء بأحذيتهم الثقيلة، ونداء الصغار على الأم من بعيد، وانهيار المبانى وسقوطها كالجريح الذى يتألم. ومن المفارقات فى تاريخ الأوسكار أنّه فى عام 1958 تم اختيار الشخصية الكارتونية الشهيرة (دونالد داك) «البطة» لتقديم حفل الأوسكار، واستخدمت الأكاديمية تويتات خاصة تُظهر البطة كمقدم الحفل برفقة ممثلين حقيقيين آخرين شاركوها الحفل الاستثنائى. ومن أكثر ما يلفت انتباه حضور حفلات الأوسكار وجود عدد من المحاسبين على المسرح خلال تقديم الجوائز، رغم بُعد مجال المحاسبة عن الفن والأفلام، إلا أن المحاسبة تلعب دوراً مهماً جداً، حيث توكل إليهم الأكاديمية مهمة فرز الأصوات، وتكون المسئولة عن تسليم أسماء الفائزين بعد فرز الأصوات، حيث يتم التصويت بين أعضاء الأكاديمية، الذين يزيد عددهم على 5000 عضو بالاقتراع السرى. فمن سيحصل هذا العام على تلك الجوائز عن جدارة ودون وساطة أو تحيّز؟