فاز «دونالد ترامب» برئاسة أمريكا، عاد قوياً، الجميع يُهنئه، الاحتفالات بفوزه ما زالت مُستمرة، أنصاره «الجمهوريون» يعيشون نشوة الانتصار التاريخى الساحق الماحق على الديمقراطيين الذين لم يفهموا طبيعة المواطن الأمريكى الغاضب طيلة أربع سنوات عجاف قضاها «جو بايدن» فى البيت الأبيض، كان خلالها كُل هَمه الحديث عن الحرية والعدالة وإرسال إيميلات للمواطنين الأمريكان يطلب فيها الحصول على سبعة دولارات دعماً له.
فاز «ترامب» برئاسة أمريكا، العالم كله ينتظر تنفيذ وعوده، والكُل يقول: عليه تنفيذ وعوده بوقف الحروب ووقف القتال والمواجهات فى الشرق الأوسط فى غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق وأوكرانيا، حشود من المسلمين الحاصلين على الجنسية الأمريكية أعلنوا تأييدهم له فى (ولاية ميتشجان) ونظموا المؤتمرات الانتخابية وقالوها بكل صراحة سندعم «ترامب»، لأنه سيوقف آلة الحرب فى غزة ولبنان، ستُطوى صفحة «جو بايدن» للأبد بما فيها من سوء إدارة للملف الخاص بشئون الشرق الأوسط.
وسيتذكر له الجميع فشله فى إيقاف الحرب والقتل والإبادة الجماعية للأطفال الأبرياء فى قطاع غزة، ستُطوى صفحة «بايدن - الرئيس» و«هاريس - النائبة والمُرشحة الرئاسية الخاسرة» وحديثهما الفارغ عن مستقبل أمريكا وازدهار حياة الأمريكان رغم معاناة الشعب الأمريكى من ارتفاع الأسعار وعدم القدرة على العيش فى الظروف الصعبة والأزمات المُتكررة.
حراك شديد داخل أروقة جميع المراكز البحثية والفكرية فى العالم، الكُل يطرح افتراضات لما هو قادم ويطرح السؤال المُعتاد: كيف سيتصرف «ترامب» فى ملف السياسة الخارجية؟ رغم أنه فى مؤتمراته الانتخابية أعلن عن بعض النقاط إلا أن ذلك يحتاج لشرح وفحص ودقة فى كل التفاصيل المُتعلقة بـ«العلاقات الأمريكية مع كل من: روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية ودول الخليج وإسرائيل والاتحاد الأوروبى وحلف الناتو وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا»، والدور الأمريكى فى ما يحدث فى مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر المتوسط ومضيق تايوان.
وماذا سيفعل «ترامب» تجاه الأزمات الخطيرة التى تعانى منها أمريكا، خاصة أزمة المهاجرين والحدود والإجهاض وارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب والديون والتضخم؟ وهل سيفرض جمارك جديدة على السلع والمنتجات الصينية؟ وهل سينجح فى الضغط على «نتنياهو» رئيس وزراء إسرائيل لإيقاف الحرب مثلما وعد؟
أما «مصر»، فالعلاقات المصرية الأمريكية مُتجذرة ومُتأصلة منذ سنوات، علاقات صداقة ثنائية استراتيجية، علاقات بين المؤسسات الفاعلة فى واشنطن والقاهرة، وهناك مناقشات دائمة وتفاهمات مُستمرة فيما يتعلق بالأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، «مصر» قالت كلمتها بضرورة وقف الحرب وحذرت -وما زالت تُحذِر- من اتساع دائرة الصراع لأن ذلك يؤثر على أمن المنطقة، ويُعد بمثابة تهديد لأمن الإقليم، وبالتأكيد فإن هذه الرؤية وهذا الطرح يتماشى ويتوافق مع رؤية «ترامب» من ضرورة وقف الحرب.
فى النهاية، يحق لنا القول بأن سياسة «ترامب» الخارجية ستتمحور حول شقين أساسيين هُما الضغط على الحلفاء ومواجهة الخصوم.