نشأنا في الصحافة والإعلام على عبارة «الصورة لا تكذب»، لكن التطور التكنولوجي غير المفاهيم التي كانت راسخة على مدى أزمان وجعل الصورة تكذب وتضلل أيضا. انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي الصور المزيفة، سواء لأشخاص أو لأحداث. ساهم في تكريس هذه الظاهرة التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي وسهولة التعامل معه بعد تطويره من جانب عدة شركات كبرى.
استمر اعتقادنا العديد من السنوات بأن معيار الصدق والحقيقة في المحتوي الاعلامي سواء في الصحف أو النشرات الإخبارية والمواقع الاخبارية مرهونا بالصورة الإعلامية المصاحبة، ولكن ومع التقدم التكنولوجي الكبير في مجالات التصوير وعلوم البرمجة والانتشار الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي لم يعد هذا الامر مطلقا أو حقيقيا، فبعد أن أصبح أي محتوى إعلامي عرضة للتزييف حتى وإن كان مصحوبا بالصوت ومدعوما بالصورة.
إن الصورة تضفي المصداقية على الخبر، غير أنه بالنظر لتدخل التكنولوجيا في إنتاج الصورة، لم يعد بالإمكان تصديق كل ما يتم تقديمه فكما كانت تستخدم الصورة قديما كدليل على المصداقية واثبات الواقع الحقيقي، ففي يومنا هذا وبسبب برامج وتقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن استخدام الصور الصحفية لإضفاء المصداقية على الأخبار الكاذبة. وتعد مهمة التفريق بين الصور الحقيقية والزائفة أمرا شاقا حتى على المتخصصين. ما يجعلنا في عالمنا هذا نواجه خطرا جديدا، وهو إعادة كتابة تاريخ من الأخبار ولكن بطريقة مزيفة مدعوما بأدلة وبراهين من صور وفيديوهات مزيفة بسبب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
تعد الصورة أقوى وسيلة إعلامية وهي من الركائز الأساسية في عالم الصحافة والميديا وتوصف بأنها بألف كلمة لكنها تعد أقوى وسيلة للتعبير الإعلامي .كما أن الصورة ترتبط نفسيا بالإنسان حيث تشكل وجدانه بشأن أحداث وذكريات تجسدها ولا يمكن لوسيلة أخرى أن تتيح نفس التأثير، وكانت من قبل تؤخذ كدليل سواء في المحاكم أو في مجالات الإثبات بأي شكل، لكن صارت الآن محل شك عند تناولها . لقد تدخل الذكاء الاصطناعي ليتلاعب بالصورة ويضلل بها الناس وصار يمكن لأي شخص يجيد استخدما الذكاء الاصطناعي أن يغير في الصور بما يخدع الآخرين أو يستخدم ذلك قرينة لإثبات أمر ما، وهذا يؤثر على الرأي العام ويؤثر على الحقيقة.
إن استخدام الذكاء الاصطناعي في تزييف الصور يمثل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الصحافة والإعلام اليوم. من الضروري أن تتبني وسائل الإعلام استراتيجيات فعالة للتحقق من المعلومات والتأكيد على سبل التوعية للجمهور.