كان ملف «النزاعات الإقليمية فى الشرق الأوسط» هو العامل الرئيسى الذى حدد مصير المنافسة بين مرشحى الرئاسة الأمريكية («هاريس» و«ترامب»)، حسم «ترامب» المنافسة بعد أن وعد بإنهاء الحروب، لذلك ليس مُستغرباً أن تتداول جميع وسائل الإعلام العالمية -ومنها «واشنطن بوست ونيويورك تايمز والإيكونومست والجارديان وبوليتيكو»- السؤال الذى يتردد فى الأوساط السياسية وعلى ألسنة كبار قادة العالم، وهو (هل «ترامب» قادر على تنفيذ وعده بوقف الحروب وبخاصة تلك التى يشهدها الشرق الأوسط؟).
المؤكد أن هناك تحولاً كبيراً ستشهده المنطقة بعد (75) يوماً من الآن فى (20 يناير 2025) وتحديداً عقب جلوس «ترامب» على كرسى رئاسة أمريكا فى البيت الأبيض، وهذا التحول ليس به تفاصيل بقدر ما يحتوى على تأكيدات قوية تُنذر بحدوثه.
«بنيامين نتنياهو»، رئيس الوزراء الإسرائيلى، هنأ «ترامب» على فوزه وقال: إنها أعظم عودة سياسية فى تاريخ البشرية. «نتنياهو» يعتقد بأن عودة «ترامب» للبيت الأبيض ستعطيه الحرية الكاملة لتنفيذ خطته فى قطاع غزة التى تُسمى بـ(خطة الجنرالات) والتى تقضى بفرض حُكم عسكرى عليها وتعيين حاكم عسكرى لإدارتها وترحيل أهالى شمال قطاع غزة لجنوب القطاع، كما أن «نتنياهو» يظن أنه برحيل «بايدن» عن البيت الأبيض فإنه بذلك قد انتهت الضغوط الأمريكية التى وصفها بـ(بالضغوط الأمريكية المزعجة التى لم يكن لها أى تأثير على حكومتى).
بينما يرى البعض أن «ترامب» قادر على تنفيذ وعده بوقف الحرب فى غزة ولبنان، لما له من شخصية قوية وقُدرة كبيرة على التنفيذ، عكس الرئيس الأمريكى «بايدن» الذى كانت إدارته -التى تضم «البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون والسى آى إى»- تقول إن لديها (خطة وقف إطلاق النار Ceasefire Plan) لكنه لم يستطع تنفيذها بسبب التعنت الإسرائيلى والهروب الدائم لـ«نتنياهو» من الالتزام وعدم جديته، بينما يرى البعض أن «ترامب» وإدارته الجديدة وأُضيف لها -مجلسا النواب والشيوخ- لديها (قرار وقف إطلاق النار Ceasefire decision) لكنها لا تملك آلية لتنفيذ هذا القرار، البعض يقول إن «ترامب» سيضغط على «نتنياهو» لإيقاف الحرب لأنه لديه بعض علامات الاستفهام على سلوك «نتنياهو» ويحمل ضغينة فى قلبه من «نتنياهو» منذ عام (2020) وغضب منه وقتها حينما أقدم على تهنئة «بايدن» بفوزه بالرئاسة، البعض الآخر يقول: إن التأثير الأكبر على سياسة «ترامب» تجاه المواجهات فى قطاع غزة سيتحكم فيه مجموعة من مُستشاريه الجُدد لشئون الشرق الأوسط وسيكون لهم التأثير الأكبر على القرار.
من المؤكد أن الولاية الثانية لـ«ترامب» ستكون مختلفة عن الولاية الأولى وأن شعبيته التى اكتسبها وساعدته على الفوز على «هاريس» بأصوات المجمع الانتخابى والأصوات الشعبية ستجعله أكثر تحرراً فى اتخاذ قرارات من شأنها نيل رضا المواطن الأمريكى بصفة عامة، وحصوله على جميع أصوات الولايات السبع المتأرجحة سيساعده على فتح صفحة جديدة مع أنصاره المسلمين، خاصة فى (ولاية ميتشجان) الذين قاموا بتأييده وجمعوا له الأصوات ليس فى «ولاية ميتشجان» فقط، ولكن فى كل الولايات المتأرجحة أيضاً بعد أن وعدهم بأنه سيُصدر قرار وقف الحرب فوراً مع أول مُكالمة بينه وبين «نتنياهو».