نُطقها الصحيح «إشاعات» وليس «شائعات»، الأولى مصدرها «أشاع» والثانية «شاع»، الأولى بفعل فاعل ولهدف أو لسبب ما، والثانية لا هدف لها.. الأولى مثل ما نراه من إشاعات، وهى كثيرة، والثانية مثل تناول بعض الأطعمة مع بعضها ومخاطرها.. أو تناول بعض الأطعمة مع الإصابة بالبرد.. كلها أفكار «شائعة» فى المجتمع لا هدف لها ولا غرض ولا مصدر محدّد ولا ضد جهة محدّدة، ولكنها «شاعت» بيننا!
لماذا نقول ذلك؟ لأنه من الصعب مواجهة شىء لا نعرفه.. ومن الصعب محاربة شىء لا نفهمه.. ومن الصعب هزيمة شىء لا نُدركه!
هل تأخرنا فى شرح ذلك؟! ليست هذه المرة الأولى.. كتبناه وقُلناه سابقاً، لكننا نحتاج كل حين إلى إنعاش الذاكرة الشعبية حتى تعود إلى جاهزيتها ونشاطها.. خاصة أن الإشاعات لا تتوقف عند أنواعها القديمة التقليدية الموجّهة فى المجالات السياسية والاقتصادية والصحية إلخ، ولا عند أنواعها من الإشاعات الزاحفة والطائرة والاستطلاعية والتنبّئية إلخ، وهو ما قد نتحدّث فيه فى ما بعد..بل وصلنا اليوم إلى إشاعات خاصة بمصر وحدها، منها نوع ظهر قبل سنوات يتعمّد رفع سقف الأمل فى اتجاه محدّد حتى يتأكد أن الإشاعة غير صحيحة، فتحدث الصدمة عند الناس.. مثلما ضربنا أمثلة سابقة، منها إشاعة عن آلاف الوظائف فى أحد البنوك حتى يكتشف الزاحفون إلى أفرع البنك عدم صحة ما سمعوه، فتحدث الصدمة.. أو الإعلان عن طريق الإشاعة بصرف مرتبات للعاطلين أو إعانات على بطاقات التموين، أو طرد ممثل إلى جهة معينة من البلاد فيحدث الغضب بعد التأكد من عدم صحتها جميعها!!
الإشاعات جزء من حروب الجيل الرابع.. ليست هى وحدها حروب الجيل الرابع.. والتى تشمل إلى جانب الإشاعات الفيديو المفبرك والصورة المزيفة والاغتيال المعنوى المنظم للقادة، حتى الراحلين، للتأثير على تاريخ الشعوب ومعنوياتها، وكذلك معنوياً مع الساسة والشخصيات العامة، ومنها إشاعة روح البؤس والإحباط فى المجتمعات سعياً لـ«تسويد» -من السواد- حياة الناس وتحويلهم إلى كائنات سلبية لا تملك طبعاً القدرة على استيعاب ما يجرى فى محيطها، وبالتالى عدم استطاعة المشاركة فى بناء الحاضر ولا صياغة المستقبل!!
ومن بين ذلك اصطناع أحداث معينة أثناء الافتتاحات الكبرى أو المشروعات المهمة للتشويش عليها والتأثير سلباً على اهتمام المواطن بها، وبالتالى عدم الوعى بها وبأهميتها، ومن هنا يكون الإنجاز فى جانب والمواطن فى جانب آخر، مما يُشكل عبئاً على أجهزة الإعلام الوطنى بكل أدواتها من صحف وشاشات وإذاعات ومواقع إلكترونية والتى تحتاج إلى تكرار الحديث عن إنجازات كثيرة حتى يعى الناس أهمية ما جرى لمصلحتهم..
على كل حال.. كبير هو ملف الحرب الجديدة التى تختلف عن حروب الماضى المباشرة، التى كانت من عدو محدّد بأدوات واضحة هى عسكرية حربية عدوانية، فى حين نبقى أمام عدوان من نوع مختلف.. يحتاج إلى مزيد من الشرح، حتى لو كان على حساب ملفات أخرى فتحناها، سنُكملها لاحقاً، مثل سلسلة مطالب المصريين من محافظيهم.