للعام الثانى على التوالى تواصل إسرائيل حرب الإبادة التى تشنها ضد العرب والتى بدأت وما زالت مستمرة فى فلسطين، ثم اتسعت إلى لبنان وأحيانا اليمن، وسوريا، دون أدنى قلق، سواء بصدد الأسلحة التدميرية التى تستخدمها ليل نهار ضد المدنيين العزل، لا سيما الأطفال والنساء والشيوخ، أو بالمليارات من الدولارات التى تتدفق من أمريكا، صاحبة مؤامرة الشرق الأوسط الكبير، الذى أكد وزير الخارجية الأمريكى الأسبق هنرى كيسنجر، أن تفتيته إلى دويلات عرقية وطائفية هو أكبر ضمان لبقاء إسرائيل.
وفى ظل هذا الوضع الذى وصفه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قمة الرياض العربية الإسلامية، بأنه مفترق طرق، سينعكس على الإقليم وأيضاً على العالم بأسره، وقد أكدت قمة الرياض اتساع رقعة المنبهين من خطورة ازدراء دولة الاحتلال لكافة القوانين الدولية والقرارات التى تصدرها المؤسسات الدولية، التى يفترض أنها تردع منتهكى سيادة الدول، كما هى حال لبنان، وعدم شن حرب إبادة ضد المدنيين، كما هى الحال فى فلسطين وقتل وإصابة عشرات الآلاف إضافة إلى التدمير الممنهج للمساكن والمبانى الأثرية وكل هذه الوحشية بدعم أمريكى كامل يصل إلى حد تعطيل القرارات الدولية باستخدام الفيتو الرهيب.
وقد كان الموقف المصرى الواضح برفض التهجير القسرى لأبناء القطاع إلى شبه جزيرة سيناء المصرية واعتبار ذلك خطاً أحمر، بداية المأزق الصهيونى وتعرية مظلوميته التى أسسها الاحتلال البريطانى منذ أربعينات القرن الماضى.
موقف مصر الثابت والصادق، الذى أعلنه الرئيس السيسى كان نقطة البداية لرفض تصفية القضية الفلسطينية رفضاً قاطعاً، ووضع إسرائيل ومؤيديها فى مأزق، بمواصلتها حرب أدانها أغلبية المتابعين لها فى ظل تقدم وسائل الإعلام بنقل تفاصيل الحرب الوحشية التى لم تتوقف إسرائيل عنها لحظة، بل تتمادى فى وحشيتها بشكل لم يسبق له مثيل، لذا كان من الطبيعى أن يقف معظم الشباب فى دول العالم على تفاصيل هذه الحرب المفزعة وإدانتها بالكلمة ثم بالتظاهر ضد مرتكبيها والمطالبة بمحاسبتهم وطبعاً، النتن ياهو لم يكترث برد الفعل العالمى وتمادى فى غيه، بتلك الدعوى الخبيثة بمحاربة الإرهاب.
غير أن جرائم إسرائيل تثير استنكاراً، بل استبشاعاً عالمياً، وهو ما بدأ يصيب بعض الإسرائيليين بفزع أكيد جراء تصاعد استنكار دول لم تكن ضمن منتقدى إسرائيل بشدة ومن بينها بعض الدول التى شاركت فى قمة الرياض التى أيدت موقف مصر كما عبر عنه الرئيس السيسى والذى نبه العالم أجمع إلى خطورة التصعيد فى منطقة الشرق الأوسط والذى لن يفلت منه العالم.
المهم فى نظرى هو تنامى شعور استنكار معظم الناس لما تمارسه دولة الاحتلال ومن ثم سقوط قناع المظلومية الذى عاثت إسرائيل به دماراً وقتلاً وتخريباً فى الوطن العربى لدرجة أن النتن ياهو أعلن بوقاحة أسطورية أنه سيغير الشرق الأوسط وكأنه يخاطب عالماً متخلفاً وشعوباً عربية عاجزة ورأياً عاماً عالمياً لا يتابع مدى وحشية حرب الإبادة الصهيونية ومن ثم إدانة القائمين بها، وفى مفترق الطرق، تتحمل دولة الاحتلال نتيجة إجرامها الذى لن تجدى معه أى مظلومية صهيونية، أياً كان داعموها، فالرأى العام انتشر من القمة إلى القاع.