وأخيراً، عادت شركة النصر للسيارات، وهى ليست عودة فقط، وإنما خطة طموحة ضمن استراتيجية توطين صناعة السيارات عموماً والسيارات الكهربائية خصوصاً، وهذه الاستراتيجية تتفرع عن استراتيجية أعم لدفع الصناعة الوطنية بشكل عام.شاهدنا فى الساعات الماضية الأوتوبيس المحلى الصنع «نصر سكاى»، والذى يتم إنتاجه بالشراكة مع يوتونج الصينية، ومصنع الأوتوبيسات ليس الوحيد، فهناك مصنع آخر لسيارات الركوب بطاقة تصميمية 20 ألف سيارة سنوياً فى الوردية الواحدة، وهى قدرة ضخمة.
هنا يبرز سؤالان، الأول: هل هذا المصنع وغيره من الخطوات التى يتم اتخاذها فى صناعة السيارات، تستهدف التجميع أم التصنيع؟، والثانى هل احتاجت الدولة 11 سنة لكى تدرك أهمية التصنيع المحلى؟ أما الأول، فالمعلومات المعلنة الواضحة على لسان المسئول التنفيذى المباشر عن الصناعة، الفريق كامل الوزير، تقول إن مصر تستهدف التصنيع وليس التجميع فقط، وهى تصريحات مباشرة قالها الفريق كامل الوزير خلال افتتاح مصنع بروتون.
أما السؤال الثانى، فإجابته بسيطة للغاية: أهمية الصناعة تدخل ضمن إطار الحقائق البديهية، التى لا تحتاج أى وقت أصلاً لكى تدرك الدولة أهميتها، وهو ما ينقلنا إلى مستوى آخر من المناقشة: هل الدولة لم تكن تدرك أهمية الصناعة بالفعل؟ أم أن هناك خطوات كان يجب القيام بها أولاً لتمهيد الأرض للصناعة؟على مدار ما يزيد على 10 سنوات، عملت الدولة بمعدلات غير مسبوقة على تطوير البنية التحتية بما تشمله من مرافق وخدمات ضرورية لكل الأنشطة الاقتصادية وفى القلب منها الصناعة، ولأن الصناعة وحدها لا تكفى، فكان المخطط الاستراتيجى المصرى مدركاً تماماً لارتباط التصنيع بالتصدير، لذلك، وأيضاً خلال السنوات العشر الماضية، حدث تطور غير مسبوق للموانئ المصرية لكى تكون قادرة على خدمة أهداف التصدير.
وبين منطقة الإنتاج ومنصة التصدير، ممرات لوجيستية، طرق وكبارى، قطارات للأفراد والبضائع، أى منظومة نقل متكاملة تخدم الأهداف التنموية.العمل على كل ما سبق كان خطوة حتمية قبل الشروع فى استقبال جاد وحقيقى للاستثمارات، وفوق كل ما سبق، إصلاحات واجبة للجهاز الإدارى، لكى تصبح الأرض ممهدة ليس فقط لاستقبال الاستثمارات، وإنما لوضع خطة طموحة لتوطين صناعة ضخمة كصناعة السيارات والعمل على تنفيذها.
المشكلة هنا أن هناك من يتحدث عن الشأن العام دون دراية كافية بالمعطيات التى كانت واقعاً على الأرض قبل 10 سنوات، فيُطلق أحكاماً مستنبطة من صورة مشوهة غير حقيقية، هذا إن افترضنا حُسن النية، فهناك مغرضون يتعمدون تشويه الصورة.