وتتوالى اختيارات الرئيس الأمريكى الفائز المقبل دونالد ترامب لإدارته الجديدة، ومع كل اختيار يحبس العالم، بما فى ذلك الداخل الأمريكى، أنفاسه فى مشهد درامى بمليار دولار.
ومع الإعلان عن كل قادم أو قادمة جديدة، تتسارع دقات القلوب، ويهرع الجميع للبحث عن أصل وفصل مجلس إدارة العالم الجديد.
وتتوالى مع الاختيارات ردود الفعل فى دول العالم. الغالبية تبحث عن أثر هذه الاختيارات على أمورها الداخلية، وعلاقة بلدها بأمريكا، وما يمكن توقعه فى ضوء المسئول الجديد.
الأمريكيون أيضاً يحبسون أنفاسهم، وأغلبهم يحبس أنفاسه لا تحسباً لما ستفعل الإدارة الجديدة فى حرب ميانمار الأهلية، أو أفغانستان وسياسات طالبان، بدءاً بمنع الأعمال الأدبية غير الإسلامية وملاحقة صور الكائنات الحية، مروراً بحقوق النساء والفتيات المسحوقة المبادة المسلوبة.
ومنها على سبيل المثال لا الحصر تجريم صوت النساء فى الفضاء العام، وانتهاء ببوادر أمر طالبان فى فتح صفحة جديدة مع أمريكا بقيادة ترامب، أو حتى حرب روسيا فى أوكرانيا وتوقعات بميل للجانب الروسى لا الأوكرانى.
ولا حتى بما سيفعله الرئيس الجديد بمنطقة الشرق الأوسط الملتهبة المحتقنة المشتعلة، بل أغلب العيون ستكون مركزة على ملفات الاقتصاد والصحة والتعليم والهجرة والإجهاض وغيرها من الأمور التى تهم المواطن الأمريكى الذى لا يعبأ كثيراً بما يجرى خارج حدود بلاده.
استطلاعات رأى عدة وجدت أن عدد الأمريكيين الراغبين فى تدخل وضلوع بلادهم فى السياسة الدولية آخذ فى الانخفاض. الأولوية هى الداخل.
ومنطقة الشرق الأوسط لا تختلف عن بقية مناطق العالم المتابعة لاختيارات الرئيس ترامب التى تتوالى. كل يوم اختيار، وكل يوم حبس أنفاس، وكل يوم بحث وتنقيب عن الاسم الجديد. هل يحب العرب والمسلمين أكثر؟ أم يميل إلى اليهود وإسرائيل؟ هل يقدم المزيد من الأسلحة لإسرائيل؟ أم يغلق أو حتى يرشد أدوات القتل؟ هل سيدعم ضم الضفة الغربية لإسرائيل أم يحول دون حدوث ذلك؟ هل يضغط من أجل حل الدولتين؟ أم يبقى الحال على ما هو عليه؟
وبالطبع يجتهد البعض فى توقع ما ستؤول إليه علاقة بلده بأمريكا، هل يحب ترامب الرئيس أو القائد أو الزعيم؟ هل يمثل البلد أهمية لأمريكا تجعله على علاقة طيبة معها ومع شعبها؟ هل يفتح أبواب الهجرة أم يغلقها؟
وتتوالى الـ«هل» انتظاراً لما ستسفر عنه الأيام والأسابيع الأولى من رئاسة ترامب. وبعيداً عن هامش صغير يكاد يكون غير مرئى من «أحاسيس» أى رئيس أمريكى تجاه دولة أو زعيمها أو شعبها، وتشكل سياساته بناء على هذه «الأحاسيس»، فإن السياسة الأمريكية الخارجية، سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، تهدف إلى حماية نفسها ومواطنيها وحلفائها، وضمان استمرار الوصول إلى الموارد والأسواق العالمية، والحفاظ على توازن القوى فى العالم بالشكل الذى تراه مناسباً.
عموماً، ما علينا سوى الانتظار!
وما علينا أيضاً سوى انتظار ما سيسفر عنه مشروع القانون الجديد الذى تقدمت به الحكومة المصرية والخاص بتنظيم لجوء الأجانب فى مصر.
عادة تثير القوانين أو القرارات أو السياسات الجديدة الكثير من القيل والقال، وأيضاً اللغط، وكذلك يشوبها الكثير من «قالك» و«بيقولك»، وهى الأجواء التى تتفاقم وتتصاعد بفعل السوشيال ميديا التى تمكن الملايين من أن يكونوا «قادرة رأى» و«صُناع رأى عام».
كثيرون سعداء بالقانون الجديد لأسباب متعددة، بعضها معلن والبعض الآخر يقال خلف الأبواب المغلقة. والبعض معترض على القانون لأسباب أيضاً كثيرة، بعضها يمكن سماعه ومناقشته، والبعض الآخر معروف مصدره وكذلك هدفه، لا سيما وأن الجماعات والمجموعات المتخصصة ومحترفة الصيد فى المياه العكرة تنشط همتها وتنفرج أساريرها وتغمرها البهجة والفرحة ما أن تعثر على خرم إبرة يُمكِّنها من ممارسة الصيد التى تهواها، لا سيما بعد ما أصبحت هذه الجماعات «مطاريد» المنطقة والمناطق المجاورة.
ما يعنينا هو فهم ما يجرى حولنا وبنا. وبعيداً عن الموقف من قانون ما، أو قرار أو إجراء أو سياسة تُتخذ، والرأى العام المؤيد أو المعارض، الأهم هو أن نعى أن السوشيال ميديا وما تحمله من محتوى فيه الغث والسمين، وفيه حق يُحترم وحق يراد به باطل.
فرق كبير بين الشكوى من أوضاع اقتصادية، والمطالبة بسياسات أو خطوات أكثر كفاءة أو صلاحية، ومناقشة الطرق المثلى والبدائل الأفضل لعلاج مشكلات معيشية، وبين الانجراف وراء من لا يهدف إلا إلى العودة لتصدر المشهد، والتمكن من «الفريسة».
الثعابين تتبع إحدى طريقتين للتمكن من الفريسة: إما تبقى كامنة مختبئة منتظرة بصبر مرور الفريسة، ومن ثم الهجوم عليها وغرس أنيابها السامة فيها، أو تلف نفسها حول فريستها وتُحكم الخناق عليها، ثم تجهز عليها دون أن تدرى.
السوشيال ميديا التى نتابعها مليئة بالنوعين. وبعض المنصات الإعلامية المتبقية والتى تفرد أثيرها للجماعة عامرة بها، إن لم يكن من باب الأوضاع الاقتصادية، فمن بوابة الإشاعات والأكاذيب، وإن لم تفلح هذه وتلك، فمن نافذة مناقشة قوانين ومساجلة قرارات.