فى ظل الظروف الدولية الطارئة، والتحالفات الإقليمية المريبة، والتوازنات غير العادلة، تأتى إلينا أهمية تأمين الأمن القومى لـ«مصر»، فمفهوم «الأمن القومى» اتسع فى ضوء ما يشهده الواقع الدولى المعاصر من تطورات، فلم يعُد مفهوم «الأمن القومى» قاصراً على الجانب العسكرى فقط، وإنما امتد ليشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية، أو بالأحرى كل ما هو من شأنه التأثير على قوة الدولة بمعناها الأشمل والأوسع.
البعض فسر «الأمن القومى» على أنه مجموعة من القدرات والأنظمة والإجراءات التى تكفل حماية الوطن مما يُهدده من أخطار منظورة أو مُحتملة تُهدد استقراره وسلامة أراضيه واستقلالية قراره، لكن على ما يبدو فإن «الأمن القومى» هو قدرة الدولة على حماية نفسها من التهديدات الخارجية.
من هذه النقطة نقول: إن مُهددات الأمن القومى المصرى كثيرة وزادت فى الفترة الأخيرة، لكن من الثابت أن قوة الدولة المصرية على مواجهة هذه المهددات قوة لا يمكن الاستهانة بها، فلـ«مصر» رجال يعملون على أمنها وسلامتها ويصلون الليل بالنهار ويدركون هذه المهددات جيداً ويتدارسونها ويُحبطونها فى مهدها.
المصريون يرفعون شعار (مصر أولاً)، الكُل يعرف أن المخاطر تُحيط بـ«مصر» من كل اتجاه، الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة أصبحت خطوط نار، الحدود الجنوبية مُشتعلة، الحدود الغربية مُشتعلة، الوضع فى البحر الأحمر لا يخفى على أحد ونعتبره تحدياً كبيراً لأنه يؤثر على دول العالم بالكامل ويؤثر على «مصر» تأثيراً مُباشراً، أما الحدود الشمالية الشرقية فهى مُشتعلة منذ أحداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، واتسعت دائرة الصراع فى الشرق الأوسط، حدثت مواجهات فى لبنان وامتدت لـ«سوريا والعراق واليمن»، لكنها على ما يبدو فإنه يتم التركيز على «سوريا» الآن ومن الواضح أن ما يُطلقون عليه «الشرق الأوسط الجديد» يتم التجهيز له وتمهيد الأرض له بتخطيط مُحكم ومدروس.
كل هذا يؤثر على دول العالم، وبالتالى يؤثر على «مصر»، ولكن «مصر» قوية ولدى رجالها يقظة واستعداد للتضحية، مع مرور الوقت يقوم الأعداء بتوسيع أمد الصراع حولنا لأن مواقفنا معروفة ومُعلنة وثابتة وشريفة، مواقفنا نُعلنها ونحن نقف على قدمين ثابتتين مؤمنين بأن قوتنا تأتى أولاً من تماسك جبهتنا الداخلية وثقة فى تلاحُم أبناء الشعب المصرى الذى يضع «مصر» فى عينيه ويحفظها ويرعاها فى ظل أطماع دولية مكتوبة ومُعلنة وأعداء يضعون عينهم على مصر.. الفارق كبير.
نحن نضع «مصر» فى عيوننا، والأعداء المعروفون الذين أعلنوا مُخططاتهم يضعون عينهم على «مصر»، كُلنا ثقة فى أن تلاحم الشعب المصرى مع القيادة هو العامل الأبرز فى هذه المعادلة والقادر على التصدى لهذه المخططات وإجهاضها وإفشالها، ثقتنا فى قيادتنا وقدرتنا على حماية أمننا القومى هى كلمة السر، فالشعب المصرى دائماً يقبل التحدى، خاصة إذا كان التحدى هو (حماية الوطن) فى ظل موجة تغييرات جديدة أصابت دول الشرق الأوسط وتجعل منها فريسة سهلة للأطماع الخارجية وتجعل منها لُقمة سائغة يتم التهامها فى فم القوى الدولية الكبرى.
«مصر» لم تكن يوماً «لُقمة سائغة» ولن يستطيع أحد التهامها لأن لحمها مُر وأبية وعزيزة على شعبها الذى وقت الجد يُصبح الشعب المصرى كله جنوداً مقاتلين تحت إمرة القيادة والوطن.