منذ عقود أخذت الدولة على عاتقها دعم المواطن ومساندته فى مواجهة ظروف الغلاء وارتفاع أسعار السلع. رغم الحروب التى مرت بها البلاد، فإن الدولة لم تتخلَّ عن دعم المواطن فى كل أوقات الشدة. يعد الدعم عاملاً أساسياً يمكن المواطن من مواجهة ظروف الحياة، وهو عنصر أساسى من عناصر الحماية الاجتماعية التى تمد الدولة مظلتها لكى تُظل كل الفئات الفقيرة والتى تحتاج إلى المساندة.
مطروح على مائدة الحوار للنقاش مسألة الدعم، هل يكون عينياً أم نقدياً؟ وما الفوائد الأساسية لتقديم الدعم النقدى للمواطنين موازنة بالدعم العينى؟. إنَّ الدعم بكل أشكاله، نقدى أو عينى، يعد من أدوات الحماية الاجتماعية التى تلجأ إليها الدولة لتحسين مستوى المعيشة ومساعدة الأسر الأكثر احتياجاً على توفير الاحتياجات الأساسية من السلع والخدمات. ورغم التحديات الاقتصادية التى تواجهها مصر، فإن الحكومة تسعى إلى تقديم الدعم للمواطنين بمختلف أشكاله لضمان توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للأسر الفقيرة والمتوسطة. من بين أبرز أشكال الدعم التى يتم تقديمها، يأتى الدعم العينى والدعم المادى. ورغم أن كلا النوعين من الدعم له دور مهم فى تحسين مستوى معيشة المواطنين، فإن النقاش حول الأفضل بينهما لا يزال قائماً. فهل يُعد الدعم النقدى هو الحل الأمثل أم أن الدعم العينى أكثر فاعلية؟
الدعم العينى هو تقديم الحكومة أو المؤسسات الخيرية السلع الأساسية بشكل مباشر للأفراد. ويمكن أن يشمل هذا الدعم المواد الغذائية، الوقود، الأدوية، أو حتى الملابس والأدوات المدرسية. ويُستخدم الدعم العينى فى «بطاقة التموين» التى توفر سلعاً مدعمة مثل السكر والزيت والأرز للمواطنين.
من مزايا الدعم العينى ضمان توفير السلع الأساسية للمستفيدين، ما يسهم فى توفير احتياجاتهم اليومية بشكل فورى. كما يمكن له أن يساعد فى السيطرة على التضخم من خلال تحديد الأسعار وتقديم السلع بأسعار أقل من السوق. وهو يوجه مباشرة إلى الفئات التى تحتاج إليه، مما يقلل من التلاعب بالموارد. ومن عيوبه افتقار المستفيدين إلى التنوع فى السلع المدعمة، مما لا يلبى احتياجاتهم المتنوعة. كما يحتاج توزيعه إلى بنية تحتية كبيرة، ما يزيد من التكاليف الإدارية. وقد يتعرض للتلاعب أو سوء الاستخدام، ما يضر بالهدف الأساسى منه.
أما الدعم النقدى فهو ما تقدمه الحكومة بشكل مالى مباشر للمواطنين ليتمكنوا من شراء ما يحتاجونه من السلع والخدمات. ويبرز هذا النوع فى شكل «منحة العمالة غير المنتظمة» أو برامج الدعم النقدى مثل «تكافل وكرامة»، التى تقدم مساعدات مالية شهرية للمستحقين.
من مزايا الدعم النقدى مرونة الاستخدام، فهو يتيح للمستفيدين اختيار احتياجاتهم الخاصة من السلع والخدمات. ويمكن توزيعه بشكل أسهل من توزيع السلع العينية، بسداد قيمته عبر الحسابات البنكية. كما أنه يعد داعماً للقطاع الخاص، حيث يتيح للمستفيدين القدرة على شراء السلع من الأسواق، ويعطى مرونة وحرية أكثر للمواطن لشراء سلع متنوعة والحصول على خدمات أساسية. ويقلل الهدر والفساد فى منظومة الدعم العينى الحالى. ويقضى على فكرة وجود أكثر من سعر للسلعة، مما يضمن القضاء على التلاعب بالسلع التموينية. ويعزز القدرة الشرائية للأفراد، مما يسهم فى تعظيم الاستهلاك المحلى، وبالتالى دفع عجلة الاقتصاد الكلى. ويصل إلى مستحقيه بكفاءة وفاعلية أكبر عن طريق الاستهداف الدقيق.
لحماية حقوق المواطنين، فإنه إذا تم إقرار الدعم النقدى، يجب حمايته من استغلال البعض فى استهلاكه فى غير موضعه. كما أن ضخ أموال نقدية بشكل واسع قد يؤدى إلى زيادة الطلب على السلع، ما يسهم فى ارتفاع الأسعار. أو قد يذهب الدعم النقدى إلى الفئات التى لا تحتاجه بشدة إذا لم يتم تحديد المستحقين بشكل دقيق.
وتكون الأفضلية للدعم النقدى إذا كانت الأولوية تعزيز قدرة المواطنين على اختيار احتياجاتهم الخاصة من السلع والخدمات، فهو يوفر مرونة أكبر. وعلى المدى البعيد، يكون الدعم النقدى أكثر استدامة وأقل تكلفة من حيث العمليات اللوجيستية والإدارية مقارنة بالدعم العينى.
وربما يمكن دمج الدعم العينى والدعم النقدى الأكثر فائدة، حيث يتم تقديم الدعم العينى للسلع الأساسية مثل الغذاء والدواء، ويتم تقديم الدعم النقدى للمواطنين لتمكينهم من تلبية احتياجاتهم المتنوعة.