منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 ، تبذل مصر جهوداً حثيثة من أجل عدم تصاعد المواجهات بين إسرائيل وحركة حماس، تم التوصل للهدنة الأولى وإتمام صفقة تبادل الأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية، بعدها زادت الصدامات وتم توسيع دائرة الصراع -رغم التحذيرات المصرية المستمرة- عن عمد بأيدٍ إسرائيلية، تم فتح جبهة لبنان ونشبت مواجهات بين حزب الله اللبنانى وإسرائيل وقبلها كانت هناك مناوشات بين الحوثيين فى اليمن وإسرائيل.
كانت التحذيرات المصرية من اتساع رقعة الصراع نابعة من خبرات طويلة اكتسبتها مصر عبر سنوات طويلة فى التعامل مع كافة الملفات الهامة فى منطقة الشرق الأوسط، خبرات تؤكد أن أمن واستقرار المنطقة مرتبط بضرورة حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية طبقاً لمقررات الشرعية الدولية بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل ٥ يونيو ١٩٦٧.
منذ أكثر من ٤٢٥ يوماً والقوى الدولية والقوى الفاعلة والقوى العربية المهتمة بالشأن الفلسطينى يناقشون ما أسموه بـ(اليوم التالى فى غزة)، فى نفس الوقت كانت «مصر» خلال تلك الفترة تشارك بفاعلية فى تلك المناقشات والتفاهمات، لكن عينيها كانت على أهالى غزة ورفعت شعار «إنقاذ غزة ضرورى»، حرصت «مصر» على تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لأهالى غزة بلغت (٧٥ ٪) من حجم المساعدات.
كما قامت بعلاج المصابين، أهالى غزة يعانون معاناة غير مسبوقة، إنها «مجاعة من صنع البشر» كما قال بيان الأمم المتحدة الأسبوع الماضى، تشريد (٢٫٤) مليون فلسطينى ونزوحهم لأكثر من (٥) مرات، لا مكان آمن فى غزة والقصف الإسرائيلى يطال جميع المنشآت حتى المقرات الدولية.
تفاصيل «اليوم التالى» فى غزة أصبحت معروفة ومتاحة، سيتم تشكيل «لجنة مدنية» فى غزة تتولى الإشراف على الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وزراعة وصناعة وجهود إعادة الإعمار وبرامج الإغاثة وتعمل تحت إشراف الحكومة الفلسطينية وتقدم تقاريرها مباشرة إلى الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن ويتم وضع آليات رقابة لضمان الشفافية والمساءلة وفق الأطر القانون الفلسطينية، بحيث يكون هدفها الحفاظ على وحدة الأراضى الفلسطينية بما فى ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
وتحقيق توافق وطنى مع ضمان التنسيق السلس مع الجهات المحلية والدولية، تضم اللجنة المدنية ما بين (١٠ - ١٥) عضواً يتمتعون بخبرة فى مجالات متعددة مع سجل موثوق فى النزاهة والشفافية، وهى لجنة محايدة بها متخصصون فى الإدارة المحلية والتنسيق الدولى للتعامل مع الجهات المانحة وإعادة الإعمار.. هذه الأفكار ستعمل على تفويت الفرصة على إسرائيل للتنصل من مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطينى الأعزل وستعمل -أيضاً- على تحقيق «هيكل فلسطينى موحد» يكون عصباً أساسياً فى مجابهة كل تداعيات (٧ أكتوبر ٢٠٢٣) وهى - بالتأكيد - تداعيات كبرى وتحتاج لجهود أكبر لمعالجتها.
من الواضح أن تشكيل «هيكل فلسطينى موحد» هو غاية فى حد ذاتها للتعامل مع المتغيرات الجديدة التى طرأت والتى تضمن التعامل مع المؤسسات والهيئات الدولية، هيكل يضمن توافقاً وطنياً مطلوباً جداً خلال تلك الفترة العصيبة التى تواجهها القضية الفلسطينية برمتها، وهذا التوافق قادر على توحيد القرار الفلسطينى والتركيز على إعادة اللحمة للأشقاء الفلسطينيين.