انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة الإمساك بكلاب الشوارع وتقييدها بعنف سواء بحبال تحز عنقها أو سلاسل غليظة تمنعها من المقاومة أو محالة الإفلات . الأسوياء من المواطنين يخشون من التدخل لدى معذبي الكلاب خشية أن يصيبهم أذى منهم , فهم في كل الأحوال من المشردين الذين يتخذون من الشارع مأوى لهم ويمكنهم أن يرتكبوا أي جريمة ويفرون بدون عقوبة .
كثيرا ما تدخلت لمحاولة إطلاق سراح كلب ولكن غالبية محاولاتي فشلت حتى في حالات أن عرضت مبالغ مالية على معذب الكلب . صارت هذه الظاهرة منتشرة ولا أفهم تفسيرا لها , حيث أن الشخص القابض على الكلب والمعذب له بحبسه وعدم تقديم الطعام والشراب له بشكل كافي لا يستفيد مما يفعله مع الكلب , وهو دائما يقدم مبررات لما يقوم به لكنها مبررات واهية وتافهة .
إن تعذيب الحيوانات، كالقطط والكلاب يمثل سلوكًا شاذًا يعكس اضطرابًا نفسيًا شديدًا لدى الأفراد الذين يقومون به. تتراوح أفعال التعذيب بين ربط الحيوان في أماكن ضيقة، ومنع الطعام والشراب عنه، وصولًا إلى إيذائه جسديًا. هذا السلوك يشير إلى عدة عوامل نفسية واجتماعية، ويمثل تهديدًا لصورة المجتمع بشكل عام، إضافة إلى كونه مخالفًا للتعاليم الدينية التي تحث على الرحمة والرفق بالحيوانات.
في معظم الحالات، يكون تعذيب الحيوانات ناتجًا عن اضطرابات نفسية لدى الشخص المُعذب. قد يعكس هذا السلوك شعورًا بالعجز أو الحاجة إلى السيطرة على كائن أضعف. قد يتلذذ الشخص في مشاهدة معاناة الحيوان كطريقة لإفراغ مكبوتات نفسية أو للحصول على شعور زائف بالقوة. الأفراد الذين يعانون من اضطرابات في الشخصية، مثل السادية، قد يتخذون من تعذيب الحيوانات وسيلة لإشباع نزعاتهم النفسية المدمرة.
يمكن أن يكون تعذيب الحيوانات وسيلة للتعبير عن الغضب أو الانتقام. في بعض الأحيان، قد يعكس هذا السلوك تجارب سابقة مع العنف أو الإيذاء في مرحلة الطفولة. الأطفال الذين يشهدون أو يتعرضون للعنف قد يظهرون في وقت لاحق سلوكيات مشابهة تجاه الحيوانات. كما أن الافتقار إلى التعاطف أو الفهم للآلام التي تشعر بها الحيوانات قد يكون سببًا رئيسيًا في حدوث هذا النوع من التصرفات.
تعذيب الحيوانات لا يؤثر فقط على الكائنات المعذبة، بل له تأثيرات سلبية على المجتمع بشكل عام. من المعروف أن الأشخاص الذين يعذبون الحيوانات قد يكونون أكثر عرضة لممارسة العنف ضد البشر في المستقبل. تشير الدراسات إلى أن العديد من المجرمين الذين ارتكبوا جرائم عنف في مرحلة لاحقة من حياتهم قد بدأوا في تعذيب الحيوانات في طفولتهم. وبالتالي، فإن هذه التصرفات قد تكون مؤشرا على خطر أكبر يتربص بالمجتمع إذا لم يتم التصدي لها بجدية.
تعذيب الحيوانات يعد خرقًا للقيم الإنسانية الأساسية التي تقوم على الرحمة والرفق. من خلال ممارسة هذا السلوك، يصبح الشخص أقل قدرة على فهم معاناة الكائنات الأخرى، مما يضعف من حس التعاطف الاجتماعي ويؤدي إلى انتشار العنف في المجتمع. إن المجتمعات التي تنتشر فيها مثل هذه السلوكيات تشهد تدهورًا في مستوى الرفاهية الاجتماعية وتفشي العنف بكافة أشكاله.
الأديان السماوية جميعها، تشدد على ضرورة معاملة الحيوانات برفق ورحمة. حث الإسلام المسلمين على التعامل مع الحيوانات بلطف، ونهى عن تعذيبها أو الإساءة إليها . وتُعتبر الإساءة إلى الحيوانات محرمًة . وتُؤكد النصوص الشرعية على حق الحيوانات في العيش بسلام وأمان. وقد جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبَرَةً} مما يدل على أن الله قد منح الإنسان نعمة العناية بالحيوانات ورعايتها، لا تعذيبها أو أذاها.
من واجب المجتمع أن يتحمل مسؤولية التصدي لهذا النوع من السلوكيات المدمرة. يجب أن يتم تعليم الأطفال منذ سن مبكرة كيفية التعامل مع الحيوانات برفق، وأن يتم تجريم هذا النوع من الأفعال. ينبغي إنشاء برامج توعية تهدف إلى رفع الوعي حول حقوق الحيوانات وأهمية الحفاظ على رفاهيتها، فضلًا عن تطوير التشريعات التي تجرم تعذيب الحيوانات وتفرض عقوبات صارمة على مرتكبي هذه الأفعال.
إن تعذيب الحيوانات يشكل تحديًا أخلاقيًا ونفسيًا في المجتمع وله آثار سلبية بعيدة المدى على الفرد والمجتمع. يجب أن ندرك أن الرفق بالحيوان لا يعد أمرًا ترفيًا، بل هو جزء من قيمنا الإنسانية والدينية. ومعالجة هذه الظاهرة تبدأ من تعزيز الوعي وتطبيق القوانين التي تحمي حقوق الحيوانات، وهو ما يساهم في بناء مجتمع أكثر تسامحًا وإنسانية.