نموذج جديد للإخوة الأعداء تجده فى أولاد إبراهيم باشا نجل محمد على الكبير.. الأشقاء الثلاثة أحمد رفعت ومصطفى فاضل وإسماعيل.
عاش الأول «أحمد رفعت» مأساة كبرى وانتهى أمره فى الحياة بالقتل فى حادثة غامضة يؤكد الكثير من المؤرخين أن الخديوى سعيد هو من يقف وراء تدبيرها، رغم أن رائحة أحد أشقائه تفوح منها بصورة أو بأخرى.
الأمير أحمد رفعت هو الابن الأكبر لإبراهيم باشا، وبمجرد اعتلاء الخديوى سعيد عرش مصر تم تسميته ولياً للعهد، بصفته أكبر أفراد أسرة محمد على سناً.
توقع الكثيرون أن تسير الأمور كما سارت مع إبراهيم باشا وعباس حلمى الأول ثم سعيد، ويتولى الأمير أحمد رفعت عرش البلاد بعد الخديوى سعيد، لكن حادثة غامضة أودت بحياته.
يشير «يعقوب شاروبيم» فى كتابه «الكافى فى تاريخ مصر» أن الخديوى سعيد دعا الأمير أحمد رفعت وأشقاءه وكافة أفراد أسرة محمد على إلى «تشريفة عيد الأضحى»، وهو طقس تعود عليه فى الأعياد، وبعد انتهاء فعاليات الاستقبال والاحتفال بالإسكندرية استقل الضيوف، ومن بينهم «أحمد رفعت» ولى العهد الأول، القطار المتجه إلى القاهرة، ومعه فى العربة نفسها شقيقاه: الأمير إسماعيل، والأمير مصطفى فاضل، بالإضافة إلى الأمير عبدالحليم نجل محمد على.
كان الأربعة يركبون نفس عربة القطار، لكن حدث أن قرر الأمير إسماعيل ومن ورائه الأمير مصطفى فاضل ترك العربة، قبل أن تقع الحادثة المأساوية بدقائق، والتى سقطت على أثرها هذه العربة فى بحر النيل، ليموت ولى العهد الأمير أحمد رفعت غرقاً، ونجا من الموت الأمير عبدالحليم نجل محمد على باشا، حين قفز من النافذة وتلقفه بعض أصحاب السفن وأخرجوه حياً.
يقول «شاروبيم» فى تفسير أسباب وفاة أحمد رفعت إنه كان شاباً قوى الجسم ضخماً كبير البطن فلم يتمكن من الخلاص، بمعنى أن ضخامة جسمه هى التى تسببت فى تعجيزه عن القفز من عربة القطار والسباحة وبالتالى النجاة. وهو سبب كما ترى غير مقنع.
بعد أن وقعت الواقعة تجمع الأهالى والمسئولون وأخذوا يبحثون عن جثة ولى العهد فى كل اتجاه، واستعانوا بعدد من الصيادين لمسح أكبر مساحة ممكنة من الماء، حتى تمكنوا فى النهاية من الوصول إليها وانتشالها ليتم دفنه فى جنازة مهيبة.
روائح الجريمة كانت تفوح من الواقعة التى احتضنها ماء النيل، فلم يكن سقوط عربة القطار فيه مسألة قضاء وقدر، بل كانت أمراً مدبراً، يقف وراءه شخص نافذ القرار ثقيل اليد، يرتب لأمر ما.
يقول «شاروبيم»: «وتحدث الناس كثيراً فى أمر موته فقالوا إنه أغرق بأمر من سعيد باشا كى لا يتولى ملك البلاد بعده لأمر نقمه عليه، ولكى تنتقل الوراثة بموته إلى أخيه الأمير إسماعيل».
حذا الكثير من المؤرخين حذو «يعقوب شاروبيم» وذهبوا إلى أن الخديوى سعيد هو من يقف وراء إغراق ولى عهده الأمير أحمد رفعت لأمر نقمه عليه، لكن أحداً لم يحدد هذا الأمر!.
ويبقى السؤال: ما مصلحة الخديوى سعيد فى قتل الرجل وولاية العهد ستنتقل بعد «رفعت» إلى شقيقه «إسماعيل»؟ لقد كان من الممكن قبول هذه الرواية إذا كانت ولاية العهد ستنتقل إلى أحد أبناء سعيد، أما وأن إسماعيل هو المستفيد فإن الأمر يختلف.