فى سوريا، أحداث جسام، لكن أخطرها على الإطلاق أن هذه الجولة تحمل فى طياتها لعبة جديدة، تستهدف المفاهيم والوعى ليس فقط فى سوريا وإنما فى المنطقة كلها.. لعبة عنوانها: من قال إن الإرهابى إرهابى؟
أبو محمد الجولانى، زعيم هيئة تحرير الشام، التى كانت جبهة فتح الشام، بعد أن كانت جبهة النصرة، تنظيماً إرهابياً كان تابعاً لداعش تارة، وللقاعدة تارة أخرى، لكنه فى كل الأحوال وحتى بعد استقلاله عن التنظيمين يمارس أفعالاً إرهابية إجرامية بقيادة أبومحمد الجولانى.
كانت هذه الحقائق راسخة مستقرة، حتى ساعات مضت، حين تم تصوير ما يجرى فى سوريا على أنه تحركات شعبية من «المعارضة المسلحة»، من أجل إعادة أهل حلب إلى ديارهم.ليس ذلك فقط، وإنما أبومحمد الجولانى الذى تخلى عن هذا الاسم وعاد لاسمه المدنى الذى وُلد به «أحمد الشرع»، نزل إلى الشارع لكى يلوّح للحشود الملتفّة حوله باعتباره زعيماً سياسياً عادياً، وليس واحداً من أهم الإرهابيين المطلوبين على مستوى العالم.
هذا تغيُّر كبير وحاسم، ويبدو أن هناك من يريد أن تتغير قواعد اللعبة، فبدلاً من الجدل حول أفعال الإرهابى، دعنا نعُدْ مربعاً للوراء ونسأل: هل هو إرهابى بالفعل؟لكن الحقيقة التى يجب أن نقولها واضحة جلية، أنه وكل من على شاكلته إرهابيون، ولو أنكر الجميع، ولو تنكّر هو فى زى مدنى أو عسكرى أو قدّم نفسه كقائد سياسى أو زعيم شعبى.هو إرهابى بفعله وتاريخه وأفكاره وانتمائه.
وهذه المفاهيم يجب أن نتمسك بها فى ظل هذا التشويش العمدى، فمصر تحديداً لا يمكن أن تفقد البوصلة وإلا ضاعت المنطقة فوق ضياعها.على المستوى الميدانى، سوريا فى كارثة حقيقية، فهى بين الانهيار الكامل أو التقسيم، أو الانهيار الذى ينتهى بالتقسيم، فى كل الأحوال نحن أمام دولة ضاعت بعد انهيار مؤسساتها، تلك اللعنة التى أصابت منطقتنا لتؤكد أن كل الشرور تبدأ من انهيار المؤسسات، وأن الحفاظ على مؤسسات الدولة هو حفاظ على حياة وأمن واستقرار المجتمع، وكل تحريض على هدمها هو إجرام مع سبق الإصرار والترصد.