خطوتان تستهدفهما الدولة المصرية فى مجال التنمية الصناعية، الأولى توطين صناعات عالمية مستهدفة ومنتقاة بعناية، والثانية تعميق صناعات محلية جرى تحديدها والتركيز عليها.
هاتان الخطوتان دائماً ما تتكرر معانيهما فى تصريحات الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير النقل، وهذا يعنى أننا أمام خطط عديدة لتنفيذ هذه الأهداف، بمختلف آجالها، وبمختلف نوعياتها، وبمختلف تمويلاتها.
لكن هناك عنصراً أعتقد أنه شديد الأهمية لتمهيد الطريق وتهيئة المناخ وتوسيع مدارك الأطراف لاستيعاب الأفكار الجديدة المطروحة والتى يجرى تنفيذها على الأرض، وهو العنصر النفسى، سواء للعمال أو لرجال الأعمال أو للموظفين أو لعامة الشعب.
كيف يمكن أن نجهز العقول للتغيرات الكبيرة التى تجرى حالياً على الأرض، كيف يمكن أن نقنع كافة الأطراف أن التوطين والتعميق سيكونان فى صالح الجميع.
لماذا أقول إن العنصر النفسى فى غاية الأهمية؟
لأن هناك بعض الأطراف لسنا فى حاجة لذكرها باتت متصالحة مع الوضع القديم، والبعض منها خلق مصالح فى بقاء الوضع الذى كان، ولعلى أضرب مثلاً بفكرة كانت سائدة فى الماضى، وهى توزيع أرباح لعاملين وموظفين فى مؤسسة صناعية تتكبد خسائر سنوية متتالية.
وهى فكرة قاتلة للطموح والإبداع، لأنه وببساطة لماذا نعمل وننتج ونبذل جهداً طالما يحصل الجميع على أرباح من الخسائر.
هذه المقاومة لكل تجديد وإصلاح عالجها الفريق كامل الوزير فى العديد من المؤسسات الصناعية، عندما أكد أكثر من مرة أنه يسعى بقوة لزيادة دخل العمال والموظفين، شريطة تحقيق إنتاج مربح، والاستجابة لعمليات التطوير والتجديد التى تجرى على قدم وساق فى كثير من المؤسسات الصناعية.
ويبدو أن خلفية الفريق كامل الوزير لم تنعكس فقط على الجدية والحزم بل إنها انعكست على اهتمامه بالحالة النفسية للعمال، خاصة فى المصانع القديمة.
لأن الروح المعنوية للجنود فى أى معركة هى أحد أهم أسباب تحقيق النصر، وبالتبعية فإن رفع الروح المعنوية للعمال سبب مهم للغاية لتحقيق إنتاج مربح.
النظرة للصناعة على أنها قطاع هامشى غير مربح كان سبباً فى تراجع القطاع الصناعى المصرى منذ فترة السبعينات، وأن استسهال الاستيراد لسد العجز فى بعض السلع والمنتجات تفشى فى النفوس، وضرب الصناعة فى مقتل.
أحد أحلام الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية أن يمثل الإنتاج الصناعى المصرى ثلث الناتج الإجمالى للدولة، وإذا تمعنا النظر فى هذا الحلم سندرك أن هذه النسبة المستهدفة ليست بعيدة المنال، لأنه عالمياً، يمثل الناتج الصناعى العالمى نحو 28% من الناتج الإجمالى العالمى، وفى مصر كان يمثل 11% فقط قبل 8 سنوات، الآن أصبح 17%، لكن هذه النسبة ما زالت غير مرضية.
لذا فإن ما يفعله الفريق كامل الوزير ويسعى لتحقيقه يمثل هدفاً محورياً لعملية التنمية الشاملة التى تستهدفها الدولة، وتعد مرحلة ثالثة بعد مرحلة استقرار الدولة والتى أعقبها مرحلة تطوير البنية الأساسية (كهرباء - مياه - طرق - موانئ - مطارات - عمران - تشريعات - اتصالات - وغيرها).
ما يجرى الآن تفاصيل شديدة التعقيد والصعوبة، وأهداف شديدة الأهمية والقوة.. ويبدو أن النتائج لن تتأخر كثيراً لتنعكس إيجابياً على الوضع الداخلى.