مصر الحقيقية التي اشتبكت مع الأزمة السورية فى 2013 بعد تغييبها لعامين في فترة الارتباك الكبير بدأت تضع قوانينها للتعامل مع الأزمة، خاصة بعد وقوف مصر الحقيقية ومؤسساتها الوطنية على الاختلاف وبالاختلاف مع سياسة دولة المرشد قبل ثورة 30 يونيو والتي رفضت فكرة دعم إسقاط دولة عربية شقيقة والاقتتال معها.
ومن هنا وتحديدا أكثر بعد عام 2014 حددت مصر مبادئها من التعامل مع دول العالم ومع أزمات الدول الشقيقة في سوريا وليبيا واليمن والعراق أولا.. وكانت مبادئ مصر العامة هي حسن الجوار.. حق العبور الآمن من الأراضي المصرية.. عدم التدخل فى شؤون الدول.. احترام حق السيادة الوطنية.. احترام القانون الدولي.. الالتزام بالمعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها كافة.
ومع أزمات الدول العربية والنيران المشتعلة على أراضيها أضيف دعم المؤسسات الوطنية وكان المقصود في مقدمتها الجيوش الوطنية.. وأيضا أن الشعوب وحدها من تختار حكامها وتضع دساتيرها!
وفى الوقت ذاته الذي رفضت فيه مصر المشاركة أو التورط في إسقاط دولة شقيقة رفضت أيضا تجاهل مطالب الشعب السوري الشقيق المتطلع للديمقراطية ووقف استنزاف ثرواته ومحاربة الفساد وانفراد حزب البعث وقياداته بمصير البلاد.
ولذلك كانت مصر التي رفضت منح مقعد سوريا في القمة العربية بشرم الشيخ في 2015 للمعارضة السورية تعاملت في الوقت نفسه مع المعارضة المدنية، حتى كان المصطلح الرسمي المتداول سياسيا وإعلاميا وهو «المعارضة الوطنية» تمييزا لها عن الجماعات الإرهابية والمسلحة، بل وتمييزا لها عن المعارضة التي تقع تحت سيطرة دول أخرى في قرارها وتمويلها.
ولذلك كان يزور مصر رموز من هذه المعارضة التي ضاقت بها بلادها في التعبير عن نفسها وكذلك يعيش على أرض مصر شخصيات سورية عامة معارضة للنظام السوري -القائمة طويلة دون الحاجة إلى ذكر أسماء وقد ضمت من السياسيين إلى الفنانيين- لكنهم لا يستخدمون العنف ولا يؤيدونه ولا يشجعون عليه ولم يمنعهم أحد هنا من التعبير عن أنفسهم!
هل توقف الدور المصري عند ذلك؟ أم حاولت مصر ونجحت في وقف العنف الذى يطول المدنيين الأبرياء من الشعب السورى الشقيق؟!
هنا كلام كثير يستحق الحديث عنه.. ليس فقط لإنعاش الذاكرتين الوطنية والقومية، إنما للتاريخ الذى سيسجل -ودون انحياز ودون عنصرية- أن هناك على أرض هذا العالم دولة واحدة وشعباً واحداً حاول إنقاذ أشقائه بكل الطرق دون أى مطمع أو مكسب.. ليس إلا حبا في سوريا وشعبها.
والحديث عن ذلك مستمر.. سنذكره ونذكر به -والذكرى تنفع المؤمنين- بالأسماء والتواريخ والأحداث.