تحدّثنا أمس عن الدور الذي لعبته مصر بعد 2014 في سعيها لإنقاذ الشقيقة سوريا.. ليس فقط إيمانا بأهمية البلد العربي الشقيق وامتداد أمننا القومي إلى هناك، حيث يبدأ من حدود سوريا الشمالية، ولكن أيضا للرباط بين الشعب في كلا البلدين، حتى الكثير من الشعوب الأخرى يعتبروننا شعبا واحدا، فضلا عن الشراكة في التاريخ القديم والحديث، حتى صار الأشقاء في سوريا شركاء التاريخ والدم.. شركاء حرب أكتوبر!
وحاولنا أمس إنعاش الذاكرة الشعبية بثوابت مصر في التعامل مع المؤامرة على سوريا طوال السنوات العشر الماضية وفق مبادئ السياسة الخارجية المصرية من مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول واحترام سيادتها واختيارات شعبها في دستوره وحكامه، مع الحفاظ على وحدة التراب الوطني والحفاظ على المؤسسات الوطنية وأولها القوات المسلحة!
كان الهم المصري هو عدم تفكيك سوريا.. وفق مخطط قديم جديد.. كان الهدف المصري الحفاظ على مقدّرات الشعب السوري.. ولذلك يفعل الكيان الصهيوني اليوم العكس تماما، باستهدافه كل شيء في البلد الشقيق.. ليس فقط الجيش وقواته وأسلحته ومخازن ذخيرته، وإنما أيضا معامله ومراكز أبحاثه ومؤسساته العلمية وجامعاته ومصانعه!!!
وبينما كان العالم كله يعاقب من يتعامل مع النظام السوري كانت مصر ترى أنّ التعامل يكون مع الحكومات الشرعية.. لم تفعل كغيرها يتعاملون في دولة مع نظام معترَف به دوليا، وفي بلاد أخرى مع مجموعات خارجة عن النظام الشرعي المعترَف به!!! في ازدواجية مقيتة.. تعاملت مصر بوجه واحد علني ومعلن.. ولذلك وبشجاعة وبخلاف رفضها تمثيل أحد للدولة السورية في القمة العربية بشرم الشيخ غير النظام، حتى ظل المقعد خاليا بعد رفض دول عربية أخرى حضور «الأسد»، لكنها أيضا وافقت على حضور وزير الإسكان السوري محمد وليد غزال اجتماعات وزراء الإسكان العرب بالقاهرة في ديسمبر 2015، واستقبلت في أكتوبر 2016 الرجل الثاني في سوريا رئيس دوائر الأمن اللواء على المملوك، واستقبلته مرة أخرى في ديسمبر 2018!! وهي زيارات حظيت وقتها باهتمام إعلامي كبير جدا وسط تكهنات كثيرة، ولم يكن الأمر إلا جهودا مصرية للحفاظ على سوريا الوطن والشعب!
مصر وعلى النهج ذاته كان لها حضور على الأرض.. وفي ظل ظروف مثل التي كانت عليها سوريا ووجود مقاتلين غير سوريين من أكثر من ثمانين دولة مدعومين من الخارج بالمال والسلاح، وهو ما يعني صلاتها بأطراف كثيرة سمح لها بالشراكة مع الأصدقاء الروس بالتوصل إلى أكثر من اتفاقية خفض عنف.. بجهد أسطوري من الأجهزة المصرية يحتاج إلى حديث آخر قادم.