كثيرون لا يعرفون أنّ مصر توصلت في الداخل السوري إلى عدة اتفاقيات وقف عنف أثناء الصراع الذي امتد لعشر سنوات، وهو ما يؤكد ليس فقط حرص مصر على الشعب السوري الشقيق بل وقدرتها على العمل على الأرض في ظروف قاسية ومعقدة مهما كلفها ذلك من أجل مصلحة الشقيقة سوريا.. سوريا الوطن وليس سوريا النظام، ومن الحكمة المصرية التعاون مع الأصدقاء الروس للتوصل إلى تلك الاتفاقيات لتكون بصيغة «رعاية مصرية وضمانة روسية»! وهو ما تحقق في يوليو 2017 ويوليو 2018 وأغسطس 2018 في الغوطة وجنوب دمشق وحمص!
كان الكثيرون يهاجمون مصر وغيابها عن الأزمة السورية ولا حديث لهم إلا عن عودة السفير المصري وإعادة فتح السفارة المصرية في دمشق لتعمل كغيرها من السفارات، وهم لا يعرفون أنّ ما تفعله مصر أهم من كل الشكليات الموجودة وأهم من عشرات السفارات الأخرى المفتوحة في دمشق ولا هَمّ لأصحابها إلا مصالحهم ولم يختارهم أصلا السوريون كبلد يطمئنون فيه بل اختاروا دولا بعيدة بحثا عن حياة مختلفة أو دول قريبة لظروفهم وقدراتهم لكنهم اختاروا مصر على غير حدودهم وحدها حبا وعشقا وثقة فيها وفي شعبها!
كثيرون لا يعرفون أنّ الدولة المصرية وافقت على حضور فنانيها إلى كافة المعارض التي أقيمت في دمشق من سلع وغيرها دعما للأشقاء، وليدركوا أنّ الشعب المصري معهم في أزمتهم وفي الحصار المفروض عليهم.. ذهب الفنان الراحل فاروق الفيشاوي والفنان الكبير محمد صبحي وذهبت إلهام شاهين، وغيرهم وغيرهم، ولا يعرف الكثيرون أنّ حفلات الفنانين المصريين التي أقيمت في سوريا أو مشاركة مطربين وموسيقيين مصريين في مهرجانات سورية تمت بموافقة الدولة المصرية التي رأت أن وجود رموز من الشعب المصري مع الأشقاء في محنتهم يشكل دعما معنويا كبيرا لا يصح أن يتوقف، والدولة المصرية هي التي سمحت بكل هذا الحضور للفنانين السوريين في الأعمال المصرية وعلى شاشتنا الفنية وهي التي دعت نجوم البلد الحبيب إلى المشاركة في مهرجانات مصرية لنفس الأسباب السابقة وأملا في عودة الحياة إلى طبيعتها يوما ما إلى سوريا فلا يكون ثمة انقطاع قد جرى!
لو كانت لدى الدولة المصرية أية رغبة خلاف ذلك ما جرى شيء منه.. وكله تم من أجل الشعب السوري الشقيق.. لا من أجل نظام أو حاكم.. ولذلك تفعله مصر مع دول عربية شقيقة أخرى.. بدرجات أو بتنويعات أو بإجراءات مختلفة.. لكنه يتم وعند سوريا الحالة أكبر للعلاقات بين بلدين كانا يوما ما بلدا واحدا، نقول ذلك في ختام 3 مقالات كتبناها عن الدور الذي لعبته مصر لإنقاذ البلد الشقيق وإنقاذ مؤسساته ودعم شعبه ودعم طموحاته وأحلامه في بلد متقدم ومعاصر يضمن الحرية للجميع وفق حقوق متساوية وثروات وطنية فى حماية القانون وليست نهبا لأفراد أو متنفذين.. ولذلك يصح مطالعة المقالات مجتمعة حتى تتضح وتصل الصورة.. فهذه سطور للتاريخ وذكرى تنفع المؤمنين وحدهم!