المتابع للوضع القائم في سوريا الآن بعد سيطرة المعارضة، سيجد أن إسرائيل أول من حققت أهدافها حتى الآن، من الاستيلاء على المنطقة العازلة فى الجولان، وتدمير الجيش السورى وبنيته، وتدمير القوات الجوية والبحرية السورية، وميناء اللاذقية، وهو ما حدا بمصر وعدد من الدول والهيئات إلى التنديد بذلك، واستنكار ما فعله جيش الاحتلال الإسرائيلى، وسط صمت الإخوان وإعلامهم، وهو ما أشار إليه الأستاذ لؤى الخطيب: «تخيل موقف الإخوان من أى دولة، لو دمرت إسرائيل جيشها، واحتلت أرضها، فماذا سيكون رد فعلهم؟ هنا حال إعلامهم وصفحاتهم الاجتماعية تغرق فى صمت وتجاهل، بما يعنى أن هذه الجماعة ليست لها مقاييس للكرامة الوطنية والموقف من إسرائيل.
من أصعب الأمور التى تواجه شعب سوريا أنهم أمام بديل متطرف، تلوثت يده بقتل العشرات، وهو الآن يقدم خطاباً متصالحاً يظهر أنه يبتعد به عن التنظيمات الإرهابية، لكنه لم يقر حتى الآن بالتخلى عن التنظيم الحركى الإسلامى الجهادى تخلياً فكرياً، وجاءت تصريحاته لتثير الاطمئنان مرة، والخوف والفزع عدة مرات، فمرة يؤكد أن النظام الجديد يحظى بمشاركة كل فئات السوريين والعمل مع المنظمات الدولية، ومرة يقدم نفسه على أنه صاحب الثورة والمحرك لها، ويجتمع بسفراء الدول المختلفة، ويعين محمد البشير دون الرجوع لباقى الهيئات، كل ذلك فى وجود حوالى 60 تنظيماً مسلحين خارج القانون، وهذه التنظيمات والفصائل تتصارع وتتسابق على كعكة سوريا، وتحكمها أيديولوجيات متضاربة ومتباينة، وكل فصيل ينتمى للممول الخارجى، وأخطر ما يواجه سوريا هو ألا يكون لها جيش وطنى مستقل عن الجماعات والأحزاب والفصائل، يكون ولاؤه لسوريا فقط، وهذا يتحقق لو تضافر الشعب السورى وكان يداً واحدة فى مواجهة من يريد تدمير بلده ولو من أهلها، لأن معظم المسلحين اليوم فى سوريا مؤدلجون، والأهم أن الجيش السورى القادم سيكون عداده من غير خريجى الكليات العسكرية، ومن ثم فلا علاقة لهم بالعمل العسكرى، إنما هى خبرة تنظيمات وميليشيات عملت خارج القانون.
أمريكا قد تقدم دعماً كبيراً لسوريا، لإقامة دولة متطرفة تخدم أهدافها، فتفتح المجال للتنظيمات المختلفة كالإخوان لخدمة مصالحها ، وتغض هذه التنظيمات الطرف عن إسرائيل، مقابل التمكين لها فى سوريا وأيضاً فلسطين، وفى حالة أن خرجت هذه التنظيمات عن توجه وأهداف أمريكا فسوف تتدخل أمريكا، أما إذا استمرت هذه التنظيمات فى القيام بدورها الذى وظفته لها الولايات المتحدة فإن الولايات المتحدة وحكومتها الجديدة ستكون داعمة لهذه التنظيمات، والتاريخ يعيد نفسه، فإن أمريكا سبق أن دعمت تنظيم داعش والقاعدة فى باكستان لتحقيق أهدافها.
** هذه بعض ملامح واستقراءات عامة، وتظل فى النهاية الآمال معلقة بأن تشهد سوريا طفرة ونهضة، بتدخل إلهى حكيم وعجيب، لهذا الشعب العظيم، والله هو الحافظ