المهنة «أمين شرطة».. والصفة الملازمة: «متناقض.. ومثير للجدل»
المهنة «أمين شرطة».. والصفة الملازمة: «متناقض.. ومثير للجدل»
أمناء الشرطة خلال اعتصامهم للمطالبة بتحقيق أهدافهم
هو خلطة مثيرة للجدل، هو المتن والهامش فى آنٍ، البطل والخارج على القانون أحياناً، الجانى والمجنى عليه أحياناً أخرى.. الصامت والصاخب.. لا تجتمع فيه صفة إلا وتحمل فى طياتها النقيض، هو «حاتم» صارخاً: «اللى مالوش خير فى (حاتم) مالوش خير فى مصر»، والبعض يرى جميعهم «حواتم» والبعض يرى معظمهم متماهياً مع المسكين «أحمد سبع الليل» فى «البرىء».. لا تجد مصرياً واحداً لا يعرفه، فهو بوجوهه المختلفة «الحازم» و«الهادى» و«اللين» و«الخشن».. هو سيد قسم الشرطة وحلال العُقد ومسيّر الأمور.. هو من تتعامل معه وجهاً لوجه فى كل مقر أمنى.. هو بوابتك للحكم على الداخلية وسلوكها.. هو السيد وهو العبد.. هو أمين الشرطة وأشياء أخرى..أمين أو فرد الشرطة إذن يعود من جديد إلى ساحة الجدل فى أزمة جديدة أشعلها أفراد الشرطة فى الشرقية.قبل 47 عاماً لم يكن هذا المسمى موجوداً.. تحديداً قبل عام 1967، لم يكن هناك أمناء شرطة، كان هناك أفراد فقط من غير حمَلة المؤهلات، ثم قرر اللواء شعراوى جمعة، وزير الداخلية، عام 1967، إنشاء معهد أمناء الشرطة، وكان الغرض منه تخريج رجال شرطة على قدر من التعليم والمسئولية.يُرقى الأمين كل 4 سنوات، فيحصل على درجة أمين شرطة ثان ثم أول، ثم أمين شرطة ممتاز، وإذا حصل على ليسانس حقوق يُرقى إلى كادر الضباط طبقاً للقواعد.ومضى الأمر على هذا النحو حتى عام 2006، حيث أغلقت معاهد أمناء الشرطة وحصر الملتحقين بها على أفراد الدرجة الأولى الذين يحصلون على تقارير سرية بدرجة ممتاز، بعد أن لاحظت الوزارة تزايد أعداد الجرائم والمخالفات الجسيمة التى تقع من خلال أمناء الشرطة الجدد الذين يتخرّجون وأعمارهم لا تتجاوز 19 سنة.
ابتكرها شعراوى جمعة منذ 48عاماً لتخريج «أمناء» متعلمين.. وتهمة «اللى مالوش خير فى حاتم» تلاحقهم
بعد قيام ثورة 25 يناير 2011، قامت ثورة لأمناء الشرطة على وزارة الداخلية، وكان من مطالبها تطبيق قانون الالتحاق بكلية الشرطة بعد الحصول على ليسانس الحقوق، حيث كان هناك تعنت شديد من وزارة الداخلية، وإلغاء المحاكمات العسكرية لأمناء الشرطة، حيث إن وزارة الداخلية هيئة مدنية وليست عسكرية، وأيضاً إنشاء نادٍ خاص بأمناء الشرطة بمجلس إدارة منتخب من قبَل أمناء الشرطة، ومن وقتها وأزمات الأمناء تتوالى، لتحسين أوضاعهم المختلفة، فاستجابت الوزارة لمعظمها، حتى وصل مؤخراً مرتب الأمين الممتاز من 3552 إلى 4992، والممتاز الثانى من 4512 إلى 6312، والممتاز الأول من 5712 إلى 7872 جنيهاً، ومرتب الأمين الثالث، (حديث التعيين) من 1728 إلى 2448 جنيهاً، والأمين الثانى من 2112 إلى 3012، كما ارتفع مرتب الشرطى المتطوع ليصبح بين 1296 و1656 جنيهاً، والعريف من 1368 إلى 1788، والرقيب من 1476 إلى 1956 جنيهاً.وبعد ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم جماعة الإخوان، تحسّنت العلاقة بين الشرطة والشعب تدريجياً، غير أن بعضاً من أمناء الشرطة أصروا على العودة إلى سيرتهم الأولى والتعامل بتعالٍ شديد مع المواطنين المترددين على الأقسام، وارتكاب مخالفات جسيمة، كتلفيق الاتهامات للأبرياء والاعتداء عليهم بالضرب وتعمُّد إهانتهم، وفرض الإتاوات على سائقى الميكروباص، وراغبى استخراج تراخيص القيادة، فضلاً عن التهاون فى أداء أعمالهم ومهامهم فى مكافحة الجريمة وملاحقة المجرمين، وتهديد وزارة الداخلية نفسها بالإضراب عن العمل، فى حالة عدم تنفيذ مطالبهم، التى تكون فى بعض الأحيان غير قابلة للتنفيذ.لكن مطالب الأمناء لا تزال قائمة طوال تلك السنوات، التى تشمل صرف حافز للأمن العام، أسوة بالإدارات والمصالح، وزيادة بدل مخاطر 100% من الأساسى، وصرف حافز للأمن العام 100% من الأساسى، حيث إن الأمين والمساعد يحصل كل منهما على 200 جنيه والدرجة الأولى 160 جنيهاً.وتضمنت المطالب زيادة 100% من الأساسى وصرف مبلغ 90 ألف جنيه من صندوق التحسين عند الخروج للمعاش، وصرف معاش تكميلى أسوة بالضباط، إلى جميع الأفراد والخفراء والمدنيين بالوزارة، وصرف مكافأة نهاية الخدمة 4 أشهر عن كل سنة خدمة، وصرف المعاش الشهرى على آخر راتب تم قبضه من استمارة الصرف، وعدم التعسُّف والتعنُّت فى الكشوفات الطبية لكادر الأمناء والضباط الحاصلين على ليسانس الحقوق وضباط الشرف، وزيادة العدد إلى 1600 فرد، كما تم الاتفاق عليه لدخول الأكاديمية، وكذلك 1600 فرد لضباط الشرف، وتكون 3 دفعات كل عام.وشملت المطالب صرف قرض حسن للأفراد والخفراء والمدنيين من قسم العلاقات العامة، أسوة بالضباط، وسرعة الموافقة على التدرّج الوظيفى للخفراء، ومساواة الأفراد والخفراء والمدنيين فى حالات تحويلهم إلى مجالس تأديبية، وإصدار كتاب دورى للجهات بذلك، وعدم نقل أو إيقاف أى فرد عن العمل إلا بعد إثبات إدانته، طبقاً للقانون وإدراج العاملين المدنيين بالوزارة ضمن القانون 109 أسوة بأفراد الشرطة، ورفع بدل الغذاء 20 جنيهاً للأفراد والمدنيين والخفراء، وصرف بدل غذاء للخفراء، والتعاقد مع مستشفى خاص للجميع، لعلاج الأفراد والخفراء والمدنيين وأسرهم.تلك المطالب لا تزال مُعلقة رغم كونها سبب كل الأزمات التى لم تجد حلاً حتى الآن بالنسبة لجيش من الأمناء والأفراد والخفراء تتجاوز أعدادهم 150 ألفاً.أمين الشرطة فى النهاية هو أساس العمل الأمنى فى مصر، إن لم يكن عموده الفقرى، وقدموا للوطن تضحيات كبيرة تصل إلى 400 شهيد ونحو 14 ألف مصاب خلال السنوات الثلاث الماضية، لكن تبقى الصورة الذهنية التى يصرون على تصديرها بتلك التصرفات تخصم كثيراً من رصيدهم لدى المواطنين.