اكفى القدرة على فمها.. تطلع «سحر» لأمها
اكفى القدرة على فمها.. تطلع «سحر» لأمها
«سحر» ووالدتها «نزهة» أثناء رحلتهما إلى القليوبية
يومهما الشاق يبدأ فى السادسة صباحاً، لا تعرفان الراحة، تمسك «سحر أحمد» 18 عاماً، بيد أمها «نزهة حافظ»، لتساعدها على الصعود أعلى التروسيكل، تنظر الأم إلى ابنتها من أعلى، تشفق عليها من التعب وما ستواجهه من صعوبات أثناء الطريق، تتألم لألم ابنتها، لكنها تفرح بها لأنها تساعدها وتتحمل المسئولية، اعتادت «سحر»، على ركوب «التروسيكل»، تنطلق بثقة، يتمايل «التروسيكل» بسبب تعرجات الطريق، لكنها ثابتة لا تتحرك، بينما يهتز رأس أمها طوال المشوار.
تجمعان «العيش الناشف» من القليوبية وتبيعانه فى المطرية باستخدام «تروسيكل»
جاءت «سحر» برفقة أمها من «المطرية» إلى «ميت حلفا» بالقليوبية، لتشترى كميات كبيرة من الخبز الناشف، تحّمله فوق «التروسيكل»، لبيعه فى المطرية، تحاول «سحر» ألا تكون ضعيفة وسط الناس، بعد شراء الخبز تنطلق لتساعد أمها على الصعود مرة أخرى، تنظر للشارع بنظرات قوية على الرغم من ضعفها، تدير «التروسيكل» متظاهرة بالشجاعة، تضحك فى وجه أمها لتطمئنها، رغم الهم الذى تحمله.
«بنتعب، بنلف نلم عيش ناشف، نجيب ونبيع للزباين، وأنا بنده، وابيع، وارجع أركب التروسيكل وبرضه مابسلمش من الناس، مش كفاية اللى أنا فيه!»، قالتها «سحر»، التى لم تسلم من معاكسات المارة ومخاطر الطريق: «الناس بترخم عليَّا، ساعات حرامية بيوقفونا بعد كل التعب ده وياخدوا مننا فلوسنا، وساعات نتعرض للمعاكسة، بسبب إنى راكبة تروسيكل، وممكن حد يكسر عليَّا من غير سبب»، تعرضت «سحر» لأكثر من حادث، إصابات عدة لم تمنعها من العمل: «آخر مرة وقعت إيدى باظت واتعورت، وظروفى وحالتى النفسية كانت صعبة»، مؤكدة أنها لا تنسى مشهد وقوع والدتها من التروسيكل، وإصابتها بشرخ فى ذراعها لم تشف منه حتى الآن، لكنها تقاوم من أجل أكل العيش. دور البرد الشديد الذى أصاب الأم «نزهة»، لم تلتفت له، فهناك آلام أكبر تنسيها ألم البرد، فهى مريضة بالكبد، وبصديد على الكلى، كل ذلك لا يشغل بالها، ما يقلقها هو بناتها السبع وزوجها المريض، بعد تعبهما طوال النهار فى الشمس، لا تجدان الراحة فى الليل، حيث تبيع «نزهة» الذرة، بينما تملأ «سحر» جراكن المياه، وتحملها بجسدها النحيل لتبيعها، «بعد كل التعب ده ماحدش بيسيب حد فى حاله، فين وفين لما حد يجبر بخاطرنا»، قالتها «نزهة»، مؤكدة أنها لا تتمنى سوى راحتها وراحة بناتها، لافتة إلى أنها تخشى عليهن من عدم الأمان فى الشارع، ومن صعوبة الحياة.