يعنى إيه «فنتوش الفشية»؟ هكذا سألت «سكينة» رفيقها «عبدالعال»، فأجاب: «انتى عارفة لما تجيبى فص لمون وتقرشيه وبعدين تقلبيه على ضهره، يبقى عامل زى فنتوش الفشية». سكينة: «مش فاهمة بردو».. عبدالعال: «بقولك يبقى عامل زى فنتوش الفشية.. فوّتيها بقى».
لا أجد خيراً من هذا المشهد من مسرحية «ريا وسكينة» وسيلة لشرح الإعلان الدستورى الأخير الذى أصدره الدكتور «مرسى»؛ فالإعلان احتوى على عدد من القرارات التى تحصّن مجلس الشورى و«تأسيسية الإخوان» من الحل، وتحصّن قرارات الرئيس فى الماضى والحاضر والمستقبل من أى طعن قضائى، وتحقق الثأر الشخصى -وليس الثورى- للرئيس من المستشار عبدالمجيد محمود، وعلى مستوى الثورة والثوار، يشتمل الإعلان على مادة تتعلق بإعادة محاكمة قتلة الثوار، وفيها يظهر موضوع «فنتوش الفشية» بامتياز.
فالمادة تنص على إعادة محاكمة المتهمين بقتل وإصابة المتظاهرين فى ثورة يناير، ويتولى تحديد إجراءات المحاكمة القانون الذى صدر بعد الإعلان العجيب تحت عنوان «قانون حماية الثورة»، احتوى على نصوص إجرائية كثيرة، لكنه اختتم بنص يقول ما يلى: «يعرض هذا القانون على مجلس الشعب فور انعقاده لاتخاذ اللازم بشأنه». ماذا يعنى ذلك؟ هل يعنى أن إعادة محاكمة قتلة الثوار لن تتم إلا بعد موافقة مجلس الشعب على هذا القانون، يعنى بعد ما لا يقل عن ثمانية أشهر؟! والأدهى من ذلك أن المادة الثانية من القانون تشترط إعادة المحاكمة بظهور أدلة جديدة، طيب يبقى فين موضوع «خالتك ثورية»؟ هل كانت المسألة تحتاج إلى تلك «الافتكاسة» القانونية الرئاسية لإعادة محاكمة قتلة الثوار عند ظهور أدلة جديدة؟ أليس ظهور مثل هذه الأدلة فى أى قضية يوجب إعادة المحاكمة؟!.
إذن المطلب الثورى الوحيد الذى زعم الرئيس مرسى وإخوانه أنه استجاب له عامل زى «فنتوش الفشية»، الأمر الذى يعنى أنه أصدر «إعلان حماية» لنفسه ولأهله وعشيرته من الإخوان ليس إلا. وأتصور أن الرئيس واهم أشد الوهم إذا تصور أن بإمكانه أن «ينفد بهذه العملة»، لمجرد أنه أخذ ضوءاً أخضر من «هيلارى كلينتون»، وزيرة خارجية أمريكا، كما يخمّن البعض. فأمريكا تورطه وتمد له ولإخوانه الحبل حتى يشنق به نفسه، ولحظتها سوف تتخلى عنه. يكون الرئيس واهماً أيضاً إذا ظن أن بإمكانه الارتكان إلى بعض «الفلول» المتعاونين معه، أما الوهم الأكبر فهو الظن أن هذا الشعب عاد إلى وضع «الجثة»، وأنه عاجز عن مواجهته إذا لم يتق الله فيه. لا يا «ريس».. لك فى «المخلوع» آية، حتى لو أقدمت بخيلك ورجلك من الإخوان والسلفيين، فهؤلاء سيفرون من حولك إذا أحسوا بغضبة الشعب.. وغضبة الشعب ستكون مثل إعلانك الدستورى الجديد عاملة زى «فنتوش الفشية»!