يحيى العالم غداً 25 نوفمبر اليوم العالمى لمحاربة العنف ضد المرأة، وذلك لأن ظاهرة العنف من الظواهر التى تعانى منها المرأة فى كل دول العالم، إلا أنها تختلف من مجتمع إلى آخر بحسب المفاهيم السائدة ووعى المجتمع المحلى، ودرجة عدالة القيم الاجتماعية، وسيادة مبدأ القانون وحقوق الإنسان، وتعد الظاهرة فى مصر مخيفة فقد وصلت معدلات تعرض المرأة للعنف داخل المنزل إلى 62% طبقاً لإحصاءات المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، وأما العنف فى الشارع فحدث بلا حرج حيث تتصدر مصر دول العالم فى التحرش الجنسى.
ولكن العجيب فى الأمر أن الرئيس محمد مرسى كلما سئل عن هذه المشكلة يقول إننا لا يوجد لدينا عنف ضد المرأة لأن ديننا يحرم ذلك، وهو قول يعكس عدم معرفة بالواقع المصرى؛ فديننا يحرم الرشوة ومع ذلك هى ظاهرة متفشية فى المجتمع، فالقيم الدينية وحدها دون قوانين وإجراءات تنفيذية لا تكفى لمحاربة الجريمة، وإن كان الرئيس ليس مطلوباً منه الإلمام بكل شىء لكن عليه سؤال مستشاريه إن كانوا يعلمون، وليسوا من السطحية لإقناع الرئيس بأن العنف فى الغرب أكبر لأن ليس لديهم ما لدينا من تحريم دينى، مما يعكس صوراً غير لائقة للرئيس فى ضوء تقارير التنمية التى ترصد زيادة هذه الجريمة فى مصر، التى لا تتوقف محاربتها على نصوص الأديان أو حتى القانون فقط إن وجد وإنما يتوقف على عدة مستويات:
1. التنظيم القانونى: هل هناك نص يتضمن وصفاً للانتهاك التى تتعرض لها النساء واعتبار ذلك جريمة أم لا؟
2. النصوص القانونية، كيف تضمن نصوص القانون وصول النساء للعدالة؟ وهل النص كافٍ وعادل أم به فجوات وينطوى على تمييز ضد المرأة؟ وما هى الفجوات التشريعية التى تحتاج العمل على سدها؟
3. كيفية تطبيق وإعمال القانون، ما دور القائمين على تطبيق القانون؟
4. تفاعل المجتمع مع القانون من حيث الوعى به واحترامه، ما هى درجة وعى وقناعة المجتمع بأهمية القانون ودوره فى تحقيق العدالة؟
وقد يرى البعض أن العنف فى مصر ظاهرة عامة وليست مقصورة على المرأة وهو رأى صحيح، ولكن تظل المرأة هى الحلقة الأضعف فى دائرة العنف التى يتم استخدامها كمستهدف مباشر أو وسيلة لتفريغ القهر الذى يتعرض له الرجل ولا يستطيع مواجهته فى المجال العام فيمارس العنف على المرأة ومن ثم يكون نصيبها مضاعفاً بل وممنهجاً، حيث يشمل العنف الأسرى: الذى يتمثل فى جرائم ضرب وقتل الزوجات، وفض غشاء البكارة بالصورة التقليدية، وختان الإناث، والزواج المبكر، وإجبارالزوجة على ممارسة العلاقة دون رضا، وأيضاً ما يسمى بجرائم الشرف.
العنف المؤسسى: الذى يتمثل فى التمييز التشريعى ضد المرأة وتعذيب النساء فى أقسام الشرطة لا سيما عند استهداف أماكن محددة من جسد النساء أو استخدام النساء كوسيلة للضغط على أحد أعضاء الأسرة من الرجال وإساءة المعاملة فى السجون المصرية، أو كشوف العذرية على الناشطات السياسيات.
العنف المجتمعى: الذى يشمل الجرائم الجنسية والبغاء القسرى والعنف المعنوى، المتمثل فى الحرمان من التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية، الإجبار على ارتداء زى معين، والعنف ضد المرأة فى الإعلام فى تقديم صور نمطية مهينة، وعلى المستوى الثقافى فى التعامل معها كمخلوق ناقص طبقاً لمرجعيات دينية تنتمى لعصور الظلام.
لذا من الهام مواجهة المشكلة بصور واقعية وقانونية وسؤال أهل الذكر «الذين يعلمون».