"تشرد ونخاسة وأسرى وقتلى".. حال أطفال العرب في مناطق الصراع
# "تشرد ونخاسة وأسرى وقتلى".. حال أطفال العرب في مناطق الصراع
صورة أرشيفية
في الصومال، بلغ عدد أطفال الشوارع 17515 طفلا، موزعين على جميع المحافظات الصومالية، وفقا لآخر إحصائية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، حيث يتخذ بعض هؤلاء الأطفال من الشوارع مأوى ومرقدا لهم، في حين يقضي البعض الآخر يومه في الشارع، ويأوي إلى منزله بعد حلول سواد الليل.
العاصمة مقديشو وحدها تضم 1500 من أطفال ممن يتسكعون في الشوارع بعد أن تشردوا وتركوا منازلهم لأسباب مختلفة، فالحياة في الشارع قاسية وليست سهلة، بخاصة في البلدان التي تشهد النزاعات الداخلية ويعتبر أن الحصول على لقمة العيش من أهم مشكلات التي تواجههم ويكتسبون أحيانا بطرق غير شرعية كالسرقة والنهب، ويحصلون قوت يومهم من خلال تنظيف المحال التجارية، وإبعاد القمامة عنها ومهن أخرى كبيع القات، ومسح الأحذية شأنهم كشأن بلادهم في حالة لا يحسد عليها.
والأطفال في الصومال يعانون نقصا حادا للمياه الصالحة للشرب والغداء والدواء وفي بيئة تنشطها الأوبئة والأمراض معدية ولا يتلقون العلاج بسبب ضعف القطاع الصحي وانهيار الحكومة المركزية، ويعيش السواد الأعظم منهم تحت خط الفقر وفي منطقة من أفقر المناطق العالم لا يتناولون وجبة منتظمة ويعيشون أقل من دولارين في اليوم ولا يتلقون التعليم ويتعرضون ممارسات وانتهاكات كالعمالة والزواج المبكر والاستغلال الجنسي والتجنيد الإجباري.
أما في سوريا، فقد حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" في تقرير لها من أن مستقبل 5.5 مليون طفل سوري بات "معلقا في الهواء"، منهم نحو مليون طفل يتعرضون للأذى الأكبر بسبب النزاع الدائر منذ نحو أربع سنوات.
وأرجع التقرير سبب معاناة الأطفال إلى العنف وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية والضيق النفسي الشديد وتدهور الوضع الاقتصادي للعائلات في تدمير جيل كامل.
وأوضحت المنظمة الدولية أن "الأطفال الذين يتعرضون للأذى الأكبر هم مليون طفل داخل سوريا عالقين في المناطق المحاصرة أو في مناطق من الصعب الوصول إليها أو تقديم المساعدات الإنسانية فيها بسبب استمرار العنف".
وفيما يتعلق بالدول المضيفة، أكد التقرير أن 1.2 مليون طفل سوري أصبحوا لاجئين يعيشون في خيام أو في مجتمعات مضيفة تعاني هي أيضا من الضغط، مشيرا إلى أن إمكانية وصول أولئك الأطفال الى المياه النقية والطعام المغذّي وفرص التعليم محدودة للغاية.
وتقدر "يونيسيف" أن واحداً من بين كل عشرة أطفال يعمل الآن، وأن من بين كل خمس حالات زواج بين اللاجئات السوريات في الأردن فإن حالة واحدة هي لطفلة تحت سن الـ18 عاما.
وفي فلسطين تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة لحقوق الطفل، ويظهر جليا تحلل قوات الاحتلال من التزاماتها خلال الاعتداءات المتكررة التي شنتها تلك القوات على قطاع غزة وقتلت خلالها مئات الأطفال واستهدفت المنازل السكنية والمنشآت الطبية والتعليمة، واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة الذي يسهم في تدهور الأوضاع الإنسانية عموما وأوضاع الأطفال على وجه الخصوص، حيث تواصلت الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة في الضفة الغربية من محاصرة مناطق سكنية وعزل السكان عن الوصول للخدمات الأساسية والقيود المفروضة على حرية حركة وتنقل الأطفال والاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين وتحت حراسة الجيش، والتي تسببت في قتل عشرات الفلسطينيين وتدمير ممتلكات ومزروعات عشرات الآلاف منهم، ما تسبب في تدهور أوضاع حقوق الطفل.
وواصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيد انتهاكاتها خلال العام 2015، ولاسيما خلال الفعاليات السلمية لانتفاضة القدس التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ مطلع أكتوبر من العام الجاري، حيث قتلت خلالها قوات الاحتلال (18) طفلاً، منهم (4) أطفال في قطاع غزة، بينما كانت حصيلة الجرحى (10395) من بينهم (940) في قطاع غزة من بينهم (88) طفلاً في القطاع.
أما في العراق، فيقدر أن 2.7 مليون طفل تأثَّروا بالصراع؛ حيث تعرض أكثر من 700 طفل للإصابة والقتل وحتى الإعدام، وحذَّرَت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" من خطورة الأوضاع التي يعيشها أطفال العراق؛ حيث يُعانون الحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتَّع بها أقرانهم في الدول الأخرى، وذكرت المنظمة في تقرير لها أن أكثر من 360 ألف طفل يعانون من أمراض نفسية، وأن 50% من طلبة المدارس الابتدائية لا يرتادون مدارسهم، و40% منهم فقط يحصلون على مياه شرب نظيفة.
وفي جريمة سابقة - ولا تزال مستمرة - ضد الأطفال ظهرَت فيها بشاعة المليشيات الطائفية، أظهَر تحقيق صحفي نشِرته وكالة الأخبار العالمية "إكسبريس" وجود سوق في وسط بغداد لبيع الأطفال الرضّع والكبار، وعرضا فيه بالصوت والصورة مَشاهد غاية في الفزع لأطفال عراقيين يُعرضون للبيع بمبالغ لا تزيد عن 500 دولار.
وحسبما أكدت تقارير دولية أن ما يزيد عن مليون طفل وطفلة في اليمن دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحادة، وزيادة معدلات التشرد والضياع وترك الدراسة والاستغلال وممارسة أعمال شاقة لا تتناسب وعمرهم الصغير.
يعيش الطفل اليمني معاناة هي الأشد والأقسى، تبدأ بترك الدراسة وارتياده الشارع للعمل، والتسول ووصولاً إلى ما وراء الحدود لدول الجوار في مغامرة خطرة للبحث عن مصدر عيش تقيه وأسرته الفقر والعوز.
كشفت عدد من الدراسات هول هذه المعانة والتي تؤكد بأن "نسبة 45% من إجمالي نسبة الأطفال من عدد السكان تتراوح أعمارهم ما بين 6 ـ 10 سنوات يهربون من المدارس قبل استكمال التعليم الابتدائي، وفي الغالب يلتحقون بسوق العمل".
فالظروف المعيشية السيئة والناتجة عن تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر في المجتمع اليمني غالباً ما تلجأ معظم الأسر إلى الدفع بأطفالهم إلى العمل، وهنا يكون على حساب حرمانهم الدراسة وبصورة مباشرة.
كما أن ارتفاع نسبة البطالة وانهيار العلاقة بين الزوجين وكذلك الخلافات والمشاجرات الأسرية المستمرة أمام أطفالهم، تدخل ضمن الدوافع لهروب الأطفال إلى الشوارع والانتقال لمرحلة اغتيال الطفولة كما تؤكد ذلك دراسات اجتماعية.