سئل عنترة بن شداد ذات يوم عن سر قدرته على هزيمة أى فارس يبارزه حتى لو كان أقوى منه، فأجاب: السر فى القدرة على الاحتمال، فأنا أعانى الألم مثل الخصم الذى يواجهنى، لكننى أبداً لا أصرخ بكلمة «آه»، بل أظل أبارز حتى يصرخ بها خصمى فتنتهى المعركة. فأى نزال بين اثنين ينتهى عندما يهتف أحدهما بكلمة «أى»، فتلك هى كلمة النهاية.
نحن الآن أمام مشهد شبيه إلى حد كبير، يقف فيه فريق القوى الشعبية والسياسية المعارضة للإعلان الدستورى، فى مواجهة الإخوان المسلمين ومن ينحاز إليهم فى تأييد الإعلان، بسياسة «تقديم رجل وتأخير رجل»، من السلفيين والجماعة الإسلامية. ولسنا الآن بصدد الحديث عن مواجهة وشيكة أو متوقعة بين الطرفين، بل نتحدث عن مواجهة بدأت بالفعل، والسؤال الآن حول حدود الاتساع فى دائرتها خلال الأيام القادمة، ولصالح من يمكن أن تنتهى، والنتائج المترتبة عليها.
ما يحدث فى مصر الآن هو «فتنة أهلية» بامتياز، صنعها رئيس الدولة، وجماعة الإخوان، بمحاولة الاستفراد بالحكم، وتهميش القوى الأخرى، بالإضافة -وذلك هو الأخطر- إلى عجز الإخوان: رئيساً وحكومة وجماعة، عن التعامل مع المشكلات التى يعانى منها المواطن، بل لقد ابتلانا الله على أيديهم، بالمزيد من المشكلات المعيشية التى سممت حياة الناس. ولا سبيل للخروج من هذه الفتنة، سوى التخلى عن العناد، لا سبيل أمام الإخوان سوى التراجع عن الإعلان الدستورى، والرضاء بإعادة تشكيل التأسيسية، وبناء دستور توافقى، والأهم من ذلك الانسحاب من الشوارع!.
نصيحة للإخوان: تخلوا عن العناد، فهو لا يليق بمسلم تأدب بأدب النبوة الذى يرتكن إلى قاعدة «العند يورث الكفر»، اتركوا العناد، لأن إصراركم على خوض معركة ضد كل هذه القوى السياسية، وتحدى مئات الألوف التى نزلت إلى الشارع معبرة عن رفضها لفكرة استفرادكم بالحكم، يعكس عدم وعى -ولا أريد أن أقول جهلاً- بواقع هذا الشعب الذى عشتم ثمانين عاماً تتعاملون معه، وتزعمون القدرة على تجييشه، دون أن تفهموه حق الفهم. المواجهة لا تحتمل سوى نتيجة واحدة بالنسبة لكم: الخسارة، لتنتهى الجماعة إلى الأبد!، ونحن لا نريد ولا نتمنى لكم ذلك، لكن عنادكم سوف يوردكم مورداً صعباً.
ونصيحة للرئيس: لا تعاند هذا الشعب، لأنك ستكون الخاسر فى النهاية. فالزخم البشرى الذى هتف فى البداية بسقوط الإعلان، أصبح يهتف الآن بسقوط حكمك، ولا تظنن أن إخوانك مانعوك من الشعب، إذا صمم على ذلك، ولا التمحك بأنك رئيس منتخب، فمن سيخلعك هو الذى انتخبك: «شعب مصر العظيم» يا «ريس».. الحكمة تقول: «لا تعاند من إذا قال فعل».. والشعب «بيوجع ومبيعرفش كلمة أى»!.