لماذا لم تطلق الشرطة قنابل الغاز على أعضاء «الجماعة» الذين حاصروا المحكمة الدستورية العليا كما أطلقت الغاز على المتظاهرين فى «عيون الحرية»؟؟ قطعاً لأن المتظاهرين لم يقذفوا الشرطة بالحجارة، هم فقط ارتكبوا جريمة تسمى فى قانون العقوبات بـ«الإرهاب» بحسب المادة «86» كما ورد على لسان الدكتور «محمد نور فرحات» وأيضاً فى بيان نادى القضاة! السؤال الأهم: لماذا لم يأمر الرئيس «محمد مرسى» قيادات حزب «الحرية والعدالة» بعدم حشد أنصاره أمام المحكمة الدستورية، حفاظاً على هيبة القضاء واستقلاله، الذى أكد احترامه له.. خاصة أنه يثق أن منهج «السمع والطاعة» هو المحرك لجماهير الجماعة؟؟ ثم كيف يهتف أنصار الرئيس: (إدينا يادكتور مرسى الإشارة، واحنا نجيبهملك فى شكارة)؟! ضع ألف علامة استفهام وأنت تتابع مسلسلاً ممنهجاً للاغتيال المعنوى لعدد من قضاة مصر وإعلامييها ورموزها السياسيين.. ثم تساءل معى: كيف يوضع فى مسودة الدستور مادة للإطاحة بثلاثة قضاة.. هم المستشارون : «تهانى الجبالى»، و«حسن بدراوى»، و«حاتم بجاتو»، وجميعهم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا.. وذلك بزعم تخفيض أعضاء المحكمة الدستورية من 19 عضواً إلى 11 عضواً؟! عملية تصفية خصوم الرئيس (من وجهة نظر جماعته) بدأت بدعاية سوداء تصف كل رموز المعارضة بـ«الفلول»، وحين لم يؤثر ذلك فى البسطاء وقف مشايخ الجماعة والدعوة السلفية فى مليونية (الشرعية والشريعة) يسبونهم بأقذع الألفاظ ويكفرونهم.. إنها الديمقراطية على الطريقة الإخوانية. الغريب هو صمت مؤسسة الرئاسة على تلك الممارسات رغم قدرتها على التحكم فيها! على الأقل تفادياً لحدوث حرب أهلية بين فريق «دولة المرشد» وفريق «الثورة» بقيادة (صباحى، البرادعى، موسى، بدوى) وكل الثوار فى النقابات والأحزاب المدنية. وكأن تصريحات «العريان» و«البلتاجى» لا تصدر عن قيادات فى الحزب الحاكم.. أو أن قدر شعب مصر أن يدفع ثمن الاستئثار بالسلطة من دمه! وإلا فكيف نفهم تهديد الدكتور «جمال حشمت» للقوى المدنية التى قررت الاعتصام أمام قصر الاتحادية، للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستورى ورفض الاستفتاء على الدستور المشوه، بأنه «لعب بالنار»؟
هناك توقعات بأن تتحول عملية الاغتيال المعنوى إلى عملية تصفية جسدية لقيادات المعارضة، من قِبل بعض المهووسين داخل تيار الإسلام السياسى. ويتردد أن هناك قائمة اغتيالات سياسية بالفعل تضم الأسماء الواردة فى هذا المقال.. وغيرهم. فمن يحميهم فى ظل نظام يسمح بتكفير شعبه؟
لقد دخلت الدولة المصرية اليوم مرحلة «الموت الإكلينيكى»، حين سُمح لمجموعة إرهابية بمنع قضاة المحكمة الدستورية من الحكم فى دعوتى حل مجلس الشورى وبطلان تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور.. وانتصرت البلطجة السياسية.
لكن «العدالة» لن تموت أبداً.. العدالة لا تُعتقل فى شكارة يُلقى بها فى بلاط أى حاكم. «شكاير الإخوان» لا تتسع لملايين الثوار من الشعب الغاضب.. ولا لابتلاع مصر!