«نحن نريد رئيساً يضرب بيد من حديد». هكذا صرخ واحد من الناس فى برنامج تليفزيونى وهو يتحدث عن شخصية الرئيس الأنسب لمصر والمصريين. المواطن يحلم بأن يحكمه رئيس لابس «بونية حديد» فى إيده زى اللى كان بيلبسها الفتوات زمان. تفتكر إيه السر فى إن ناس كتير عايزة حاكم «ديكتاتورى» يمطر قفاهم بوابل من الصفعات فى الرايحة والجاية؟ يقول البعض إن السبب فى ذلك أننا «شعب فراعنة».. زمارة تلمه وعصاية تجريه، وإنه شعب يتمسكن لغاية ما يتمكن، ويا ويلك منه لو اتمكن، لذلك من الأفضل باستمرار إنه ياخد على دماغه لغاية ما يقول يا كفى عشان يمشى كويس.
طيب واحد حيسأل إزاى نكون شعب فراعنة (يعنى ناس جامدة جداً) ونقبل بحكم الـ«البونية الحديد»؟ ولهذا السائل أقول إن «الفرعنة» التى يوصف بها المصريون لا ترتبط بامتلاكهم لقوة الفرعون، بل ترتبط بحبهم الجارف للحاكم الفرعون، وهو الحب الذى أخذ فى يوم من الأيام شكل العبادة، حين عبده الخلق من دون الخالق. فنحن شعب سبق العالم كله فى عبادة شخص هفّه شوقه ذات مرة بادعاء الألوهية. أكيد قريت أو سمعت كتير عن أشخاص ادّعوا النبوة، مثل مسيلمة الكداب، لكن عمرك سمعت عن شخص ادعى الألوهية؟!
هذا الاختراع العجيب لم يعرفه إلا ولاد بلد «المحبوب»، حين خرج فرعون على عباد الله، بص يمين وبص شمال وبعدين قال لشعبه: أنا مش شايف ليكم إله غيرى، اعبدنى يا جدع منك له. فما كان من الناس إلا أن أطاعوه، وكان سر الطاعة فى البونية الحديد. وقد طوّر المصريون فكرهم الإيمانى بعد ذلك حين أبدعوا ذلك المثل الشعبى السائر من جيل إلى جيل ويقول: «لو دخلت بلد بتعبد العجل حش وارميله». آه طبيعى جداً فقد سبق وعبدوا الحاكم بسبب البونية الحديد، أفلا يعبدون العجل أبوقرون حديد؟! لما قامت الثورة ناس كتيرة قالوا خلاص خرجنا من عصر الفرعنة والدنيا ممكن تختلف، لكن مطلب «البونية الحديد» استيقظ من جديد، واللى كنا بنقول عليه «موسى» طلع «فرعون».
من حق بعض الناس أن يصرخوا مطالبين بحاكم «ميرى» يظبط الخلق اللى بقت ماشية على كيف كيفها، ليعود المواطن من جديد إلى العمل بنظرية «السوستة» اللى لو ضغطت عليها تنضغط معاك ولو سبتها «تنتر» فى وشك! فاكرين فيلم «الأرض» لما كان شيخ الجامع بيصرخ فى العيال اللى ماسكين الطبلة وهاتك يا رقص طول النهار ويقول قولته الشهيرة «آه يا بلد غوازى»، والغوازى لازم ترقص للملوك، ولجل ما ترقص «الغزية» كويس لازم تكون «سوستة»!