«أيها المرابطون، أيها المجاهدون، أيها المستعدون للدفاع عن دينكم وشريعتكم، أبشروا أيها الأحباب فالنصر قادم والإسلام قادم قادم، أبشروا أيها الأحباب، فإن لكم إخوة مئات الألوف منتظرين فى أماكن لساعة الصفر، فقد تم ترتيب الأمر، أحببت أن أطمئنكم إلى أن إخوانكم فى أماكن متعددة من القاهرة ومنتظرون ساعة الصفر، إخوانكم فى المحافظات؛ فى الصعيد وفى المنوفية والفيوم وكفرالشيخ والعديد من المحافظات فى انتظار ساعة الصفر».
«أيها الإخوة، واحنا فى الاجتماع قال المهندس خيرت الشاطر للشيخ وحيد وللعلماء: فيه مئات الألوف مرابطين فى عدة أماكن فى القاهرة، عارفين الشيخ عاصم عبدالماجد قاله إيه؟ قال: عندى زيهم فى المنيا، إحنا أنصار الشرعية».
هذه الكلمات أمام حشود المرابطين أمام مدينة الإنتاج الإعلامى مسجلة وموثقة بالصوت والصورة لاثنين من شيوخ السلفية وسط تكبيرات المرابطين وهتافاتهم: «ابعت يا شاطر» «ابعت يا ماجد».
والملاحظ أن هؤلاء لا يتحدثون عن الدستور أو نظام الحكم، بل إن الخطاب أن «الإسلام قادم قادم»، وكأن مصر دولة كافرة وأهلها من المارقين الكفار الذين يستحقون القتل بمعرفة مئات الألوف التى وعد بها المهندس خيرت الشاطر والمنتظرين لساعة الصفر فى جميع المحافظات.
وقد سبق الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل بدعوة أنصاره للحشد أمام مدينة الإنتاج الإعلامى وقال: «إحنا عايزين اتنين تلاتة مليون هنا، مش عشان نتظاهر أو نعتصم، إحنا عايزين نعمل شغل».
ما «الشغل» الذى تريده يا شيخ حازم؟ الإجابة كانت على لسانه أيضاً من أنه يستهدف إعلاميين وأصحاب قنوات فضائية وسياسيين، هؤلاء جميعاً هم من سيجرى ضدهم «الشغل».
وقد نشرت جماعة أنصار الشريعة قائمة بأسماء سبعين شخصية عامة تضم سياسيين ورجال دين وإعلاميين ونشطاء حقوقيين وصحفيين «مستهدفين» فى حالة «سقوط حكم الرئيس مرسى».
إذن هى الحرب الأهلية، يستعدون لها لتدمير مصر الوطن والشعب وشركائهم فى الوطن، تحت شعار الشريعة والإسلام وهما منهم براء، فلا توجد شريعة أو دين يحض على القتل وسفك دماء الأبرياء حتى لو كانوا من الكفرة.
فما بالنا والشعب المصرى بمسلميه ومسيحييه شعب متدين، ومصر الوطن هى من استقبلت العائلة المقدسة وهى التى رفعت راية الإسلام الدين الوسطى الحق الذى بعث نبيه لإتمام مكارم الأخلاق وإرساء قيم الرحمة والتسامح والتكافل والعدل؟
ثم أين الدولة من كل ما يحدث؟ وأين رئيس الجمهورية ووزير الداخلية؟ وهل هم غائبون عن المشهد أم أنهم يباركون ما يحدث لإرهاب الشعب المصرى تمهيداً لحكمه بالحديد والنار؟
وأين كانت هذه المئات من الألوف المنتظرين لساعة الصفر أيام مبارك والعادلى؟ ألم تكن الثورة ضد هذا النظام الفاسد أولى من إرهاب الشعب المصرى المسالم؟ لقد كانت قيادات الإخوان تتعرض لحملة ضارية من الاعتقالات والمحاكمات العسكرية ومصادرة الأموال والتعذيب والنفى، ولم تحرك هذه المئات من الألوف ساكناً ولم نسمع عن وجودها، لذلك كان الشعب يتعاطف مع الإخوان المسلمين ضد النظام السابق، الذى لم يكن يخفى جبروته وفجوره وفساده تحت أى مظلة، إلى أن قامت ثورة 25 يناير وأطاحت بنظام فاسد فساداً سياسياً واقتصادياً، وأتى زمن الإخوان ليمارسوا الديكتاتورية والقهر والبغى فى الأرض ولكن بغطاء زائف هو تطبيق الشريعة، وهم يعلمون أن خلافنا معهم خلاف سياسى وليس دينياً، ومع ذلك يصورون الأمر -كذباً- أنه خلاف حول الدين والشريعة حتى ينضم إليهم ملايين البسطاء والمتدينون.
إنهم يستخدمون وسائل احتيالية للاستيلاء على الحكم إلى الأبد، إنهم فى سبيل بقائهم فى الحكم على استعداد لتدمير الوطن وذبح شعبه المسالم، ولكننا نراهن على الوعى الفطرى للشعب المصرى حتى البسطاء منه، فلو خدعوا الشعب بعض الوقت فلن يخدعوه طوال الوقت {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] صدق الله العظيم.