خلال الفترة الماضية عايشنا جميعاً حجماً كبيراً من الأحداث والمتغيرات فى الواقع السياسى المصرى وانعكاساته فى الشارع التى تابعها المصريون بقلق بالغ وربما بحزن وخوف من المستقبل. التيارات السياسية ووسائل الإعلام تبارت فى إرسال رسائل التخويف والتهويل بل والبكاء والعويل على كل ما يحدث بشكل مبالغ فيه، وهذا لا يعنى إطلاقاً أننى أقلل من حجم الأحداث والتطورات فى الفترة الماضية، بل أريد أن أضعها فى حجمها الصحيح.
الذى أود طرحه اليوم فى ظل كل هذه الأحداث هو فكرة الارتكاز على الثوابت حين تعصف بنا المتغيرات. فعندما يكون الحوار حوار طرشان وعندما يصبح التوافق حلماً بعيد المنال، يجب علينا الوقوف على الثوابت الوطنية الأصيلة ونقيم كل ما يحدث من خلالها، فنخرج بصورة جديدة تُفرق بين الحق والباطل، وتميز ما يُختلف فيه وما لا يحتمل الخلاف. سأضع نفسى فى هذا المقام لعلى أصيب الحق الذى أسعى إليه لله ثم للوطن:
التعدى على شرعية الرئيس والدعوة لإسقاطه خطأ وجريمة فى حق هذا الوطن. الدعوة للذهاب إلى الاتحادية فى ظروف الاستقطاب الحاد خطأ استراتيجى فادح. قنص المعارضين والموالين من قبل مسلحين واستباحة دماء المصريين جريمة بشعة يجب تعقب فاعليها وتقديمهم إلى العدالة. حرق مقرات الإخوان خطأ عظيم وسنة سيئة وجريمة نكراء. عدم تحمل أحزاب المعارضة مسئوليتها حين نظمت مسيرات كان نهاية مطافها الاعتداء على مقرات حزب الحرية والعدالة وحرقها وتهديد من فيها، لهو خطأ كبير واستهانة بأرواح المصريين. نشر بعض صفحات الأحزاب تحريضاً لحرق مقرات حزب الحرية والعدالة والتشفى فيها بعد حرقها، لهو جرم حقيقى ونقطة سوداء فى الحياة الحزبية المصرية. عدم تناول الإعلام للاعتداء المنظم على مقرات الأحزاب ومجرد انتقادها بصورة هامشية دون إفراد مساحات زمنية وتقارير إعلامية مفصلة، لهو انحياز مشين ونقيصة مهنية فى جبين إعلام افتقد مصداقيته وحياديته. اتهام جميع المعارضين بأنهم من فلول النظام السابق والمبالغة فى نظريات المؤامرة دون دليل ملموس، لهو عين المبالغة المذمومة والاتهام الباطل الفاقد للمصداقية. عدم التصديق بوجود ثوار شرفاء انحازوا سياسياً إلى معارضة الرئيس ووجدوا من أجل دماء رفقائهم غير منكرين لشرعية الرئيس، هو أيضاً ظلم كبير لقطاع من الشباب الصادق الوفى فيه الخير الكثير، وإن كان على الجانب الآخر من المركب الواحد.
أقول كل ما ذكرت وأحفظ للمعارضة حقها فى التظاهر والاعتصام والاعتراض، وأعلن أننى على عكس أجندتها ومطالبها. وإن كان البرادعى قد خيرنا بين دولة عالمانية وإسلامية فى لقائه مع السى إن إن، فإن خيارى هو الدولة الإسلامية، ومعارضتى السلمية الكاملة لدولة عالمانية يريدها هو ومن خلفه. ولكن ما أردت طرحه هنا هو أنه رغم خلافنا فلا يزال ما يربطنا الكثير، فلنلزم ثوابتنا ونحفظ حقنا فى الخلاف لينجوَ الوطن ويسير الركب.