لا يُغيرون منهجهم مع تغيُّر الواقع.. يعيشون الوهم ويصنعونه.. هؤلاء القابعون فى دولة الـ«ززززززز».. والـ«زززززز» هنا ترمز لصوت إعلان الذبابة عن حضورها، وهكذا نعيش يومياً على مواقع التواصل الاجتماعى.
حالهم كحال ذبابة صيف مملة فى يوم حار لا تقف عن الزن، يعيشون وهم الانطلاق، وواقع الأمر أن هشة تُبعدهم، وكفاً تقضى عليهم.. يظنون أن إزعاجهم يهز دولة فولاذية قاومت معركة التكسير، ولم تكتفِ، بل قامت بصياغة حربها المضادة.. لا يدركون الحقيقة المطلقة، وهى أن الدولة قائمة على هذه الأرض إلى أن يرثها الله.. تذهب إدارة وتأتى أخرى.. أما الدولة فثابتة.. السيادة لا تُسرق والمؤسسات ليست موظفاً يتحسس محفظته فى أوتوبيس نقل عام تجنباً للنشل.. وحزام الزلازل الذى توهمتم وضع مصر بداخله مثلما طوقتم به تونس انتهى مفعوله على هذه الأرض.
شربوا خدعة التسويق الإلكترونى على موقع «فيس بوك» الذى يجعل من نكرة شخصية عامة لها متابعون بآلاف، وربما ملايين، طالما أنه يدفع!!
وفى سنوات الفوضى تسرّب بعضهم إلى ساحة السياسة والإعلام.. فلم يقوَ على مواجهة العالم الحقيقى.. ابتدعوا مهنة «ناشط سياسى»، مع الوقت أصبحت تُدر دخلاً.
هذه الحالة خلقت صحفيين وإعلاميين بلا أرشيف، أو تراكم مهنى.. طفيليات اقتحمت آلة صناعة الوعى، فأصبحوا مصانع لتصدير الوهم والوعى الزائف.
للصحفى مسير مهنى يبدأ برحلة التدريب، ثم تطوير المصادر، ثم أرشيف من الحوارات والتحقيقات والانفرادات.. أطوار من المعرفة والتثقيف والتدريب والتعلم المستمر.. ولهذا قد يختلف الصحفيون والإعلاميون سياسياً، لكن دائماً تجمعهم لغة المهنة.. تلك المهنة التى لا يعرفها الدخلاء.. ويقابلهم فى الجهة الأخرى أبناء المهنة الذين انقلبوا عليها وعلى أصولها.. لا يُدقق فى خبر.. لا يبحث عن معلومة.. لا يقرأ جريدة.. لا ينتقى كلماته.. لا يُسيطر على انفعاله.. ثم يخرج أمام الشاشة ليجلس على كرسى الأستاذ ويجلس الجمهور على مقاعد التلاميذ.. ويقول هذا إنه الأكثر تأثيراً.. ويعلن هذا أنه فى الصدارة.. وبين الجميع نعيش فى ساقية جهل.
صناعة الوعى تحتاج إلى طريق ثالث.. تحتاج إلى تنظيم يوقف الفوضى.. تحتاج إلى تحمُّل أمانة الكلمة والمسئولية الوطنية.. تحتاج إلى معلومة دقيقة متاحة تقضى على الشائعة فى مهدها.. تحتاج إلى الوضوح من الجميع فى أى المعسكرات يقف؟ وما الأهداف التى يسعى إليها من خلال وسيلة تأثيرة؟.. تحتاج إلى صناعة أخرى موازية، وهى صناعة الأمل لشعب تحمّل الكثير والكثير.. أما دولة الـ«ززززززززز»، فلن تتوقف، هذه هى مهمتهم، وهذا هو مشروعهم، وهذا هو وهمهم، ومهمتنا أن ننتبه إلى بلدنا والتحديات المهيبة التى تواجهها.