عيشة تقرف.. «العزبة» دى فيها إيه؟.. فيها مأساة
عيشة تقرف.. «العزبة» دى فيها إيه؟.. فيها مأساة
عزبة بدر الدين تفتقر لأبسط الخدمات
«عز الدين النجار» و«خورشيد» و«البطاح» و«حميدة».. أربع عزب يقطنها نحو 10 آلاف نسمة فى محافظة الغربية، لا علاقة لها بالحياة. لا يمكن أن تلاحظ أياً من مظاهر الحياة الإنسانية فى أى منها سوى مجموعة من البشر ما زالوا «يتنفسون فقط»، فى ظروف صعبة جعلتهم يتمنون الموت.
«الوطن» تنقلت بين العزب الثلاث؛ الأولى، التابعة لمركز «قطور»، والأخيرة التابعة لمركز «بسيون»، ورصدت معاناة الأهالى. بمجرد دخولك أى عزبة منها، ستشعر بانقباض وكأنك دخلت مكاناً موحشاً، لأن علامات الفقر المدقع واضحة، كما أن الأهالى يعرفونك بسهولة لأنك «غريب».
المطافئ فشلت فى دخول «عزبة بدر الدين» لضيق الطرق: «الكارو هى الحل».. والشتاء يحول طرق «خورشيد» إلى برك طين
فى عزبة «بدر الدين النجار»، قال أحد الأهالى، ويدعى حسن الحلاج، إخصائى اجتماعى بالأزهر الشريف، إن القرية بدون طريق ممهد، وأقرب طريق لها يبعد حوالى 2500 متر عنها، وهو ما يسبب معاناة كبيرة للأهالى إذا ما فكروا فى التنقل بينها وبين أى مكان آخر. وأضاف أن المعاناة تزيد فى حالات الطوارئ، كما حدث قريباً عندما نشب حريق هائل فى أحد بيوت العزبة، ولما استعان الأهالى بسيارات الإطفاء، فشلت السيارة فى دخول العزبة بسبب ضيق الطريق، ما اضطر الأهالى إلى الاستعانة بعربات الكارو لتحميل الجراكن عليها بعد ملئها من الترعة الواقعة على أطراف القرية.
الأمر نفسه تكرر مع سيارة الإسعاف، التى لم تتمكن من دخول العزبة لإخراج أحد المرضى، ما اضطر أهله إلى حمله على عربة كارو لإخراجه لسيارة الإسعاف، التى وقفت خارج العزبة.
وطالب «الحلاج» بإنشاء طريق موازٍ للعزبة ليرحمهم من المشقة اليومية، وينقذ حياة المرضى والمواطنين فى حالات الطوارئ. وأضاف أنه من المشاكل التى يعانى منها أهالى العزبة أيضاً عدم وجود صرف صحى، ما جعل الأهالى يعتمدون على الخزانات والطرنشات، رغم وجود محطة صرف صحى لا تبعد عن القرية سوى نصف كيلومتر، وأنهم تقدموا بشكاوى ومذكرات عديدة إلى المسئولين لإنشاء خدمات بالقرية، واقترحوا على الحكومة المشاركة فى إنشاء الخدمات، لكن دون جدوى.
وقال أحمد المليجى، أحد أهالى عزبة خورشيد، التابعة لمركز «قطور»، إن العزبة تفتقد إلى كل الخدمات، والأهالى يعيشون «حياة بدائية»، مشيراً إلى أن العزبة يربطها بالقرية التابعة لها «كفر أبوجندى»، طريق واحد طوله نحو 3 كيلومترات، وهو طريق غير ممهد وغير مرصوف، منعدم الإضاءة، ما يجعل أبناء وفتيات العزبة معرضين للخطف والسرقة والأعمال الإجرامية من قبَل البلطجية بشكل دائم ومستمر. وأضاف أن البلطجية خرجوا على سائق توك توك ليلاً، وحاولوا سرقة المركبة الخاصة به ولما قاومهم قتلوه، وألقوا بجثته فى الترعة، ولاذوا بالفرار.
ويؤكد محمد السعدنى، تاجر، أن الأهالى يعانون يومياً عند الذهاب إلى أعمالهم، خاصة فى فصل الشتاء، حيث يتحول الطريق إلى برك من الطين ومستنقعات من المياه والوحل، ما يُصعب المشى عليهم، ويجبرهم على خلع الأحذية، ورفع الملابس، والسير حفاة، وأولياء الأمور يحملون أبناءهم من التلاميذ على أعناقهم لنقلهم من العزبة فى الصباح إلى المدرسة، والعكس فى المساء، وهكذا يظل الأهالى فى معاناة يومية، وهم إما أن يفعلوا ذلك أو يترك أبناؤهم التعليم.
وأشار الدسوقى خليل، موظف، إلى أن العزبة انتشرت بها أمراض الفشل الكبدى والكلوى، بسبب تلوث مياه الشرب وعدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمى، وجميع سكان العزبة ليست لديهم القدرة على شراء فلتر لتنقية مياه الشرب، مضيفاً: «إحنا هنشترى فلاتر علشان نعرف نشرب، ولا نشترى أسمدة للأرض، ولا مستلزمات دراسية ولا نركب أكثر من وسيلة مواصلات علشان نروح الشغل، والتلاميذ يروحوا المدرسة.. دى عيشة مرار».
ورغم اختلاف المركز، فأهالى عزبة حميدة، التابعة لـ«بسيون»، يعانون بشدة مثل أهالى العزب الثلاث الأولى، ويقول صلاح الحالجى، 45 عاماً، موظف، إن المسئولين لم يدقوا أبوابنا أبداً، ولا يعرفون عن مشاكلنا شيئاً، بل هناك مسئولون قد يفاجأون بوجود عزبة تسمى «حميدة» تقع ضمن نطاق قرى محافظة الغربية. وأضاف أن أهالى العزبة يعيشون على خزانات وطرنشات مياه الصرف الصحى، التى تختلط مياهه بمياه الطلمبات الحبشية، ما أصاب الكثيرين بأمراض الفشل الكبدى والكلوى، وما زاد الأمر صعوبة ومعاناة عدم وصول مياه الرى لنهاية الترعة المجاورة إلى العزبة.
من جانبه، أكد المهندس مدحت فاروق، المسئول عن العشوائيات بالغربية، أن القرى والعزب والنجوع تم إنشاؤها بشكل عشوائى ودون تخطيط عمرانى مسبق، ما جعلها تفتقد لجميع الخدمات والمرافق الأساسية، موضحاً أن الهيئة العامة للتخطيط العمرانى انتهت من المخطط الاستراتيجى للمدن والقرى، وتعمل حالياً فى المخطط الاستراتيجى للعزب والنجوع، وبناء على موقف التخطيط العمرانى للعزب والنجوع سيتم إنشاء الخدمات والمرافق.