أنت تقف الآن أمام عرضين، عرض «مرسى» الذى يمنحك رضاء الله والأمان من عذابه مقابل أن تمنحه صوتك فى الانتخابات ليقيم المشروع الإسلامى ويؤسس دولة الإسلام، وعرض شفيق الذى يعدك بالأمن والأمان مقابل أن تعطيه صوتك. عليك أن تختار بين الأمان السماوى، والأمان الأرضى. أعلم أن الحيرة تكاد تمزقك إربا إربا، لكن لا مفر من الاختيار، والحداقة والفهلوة المصرية الشهيرة لن تغنى عن المواطن ها هنا شيئاً.
قد يقول مواطن: أختار السماء وأصوت لمحمد مرسى، وربنا يعيننى على احتمال المتاعب التى سوف تترتب على غياب الأمن والاستقرار فى بر مصر، على هذا المواطن أن يستعد لاستقبال غضب المجلس العسكرى، وما يمكن أن يترتب على هذا الغضب من عواقب لو اختياره «جلّى»، عليه أن «يعرّض» قفاه ويستعد، ولن يستطيع مرسى حتى ولو كان «الزناتى خليفة» أن يحميه من الغضب الذى سوف يتطاير من أعين ذوى البدل الرسمية ليحرقه بناره، لأن «مرسى» حيكون مشغول بنفسه. وقد يقرر مواطن آخر أن يتقى شر الغضب الميرى ويختار أحمد شفيق ويفضل الأمن والأمان الذى سوف يوفره له حتى ولو أغضب محمد مرسى الذى يدعو إلى مشروع السماء، انطلاقاً من حقيقة أن الله غفور رحيم. قد يقول هذا المواطن لنفسه: الله يمكن أن يصفح عن المذنب لكن العبد لأ، وقد يضيف أن حكم المضطر ينطبق عليه، فالجائع يمكنه أن يأكل الفراخ «الفطيس» لو لم يجد غيرها، يستطيع أن يأكل المعزة «المنتحرة» من فوق سطوح البيت لو مش لاقى اللحمة. إنه مضطر والمضطر يركب الصعب! وأؤكد أن هذا الاستنصاح لن يجدى مع الإخوان لو اختياره لشفيق «جلّى»!
الحسبة صعبة جدا، والأيام تمر سريعا، والخوف كل الخوف أن يجد المواطن نفسه فى مواجهة صندوق الانتخابات وهو مستغرق فى سؤال نفسه: أختار مين، أهل السما أم أهل الأرض؟
عموماً كل واحد فينا مُطالب إنه يفكر كويس ليحسم اختياره قبل أن تباغته ساعة الحسم. وإياك تقول اللى باقى كتير، الباقى من الزمن أقل من القليل، إما أن تضيع من غير تمن، وإما أن تطول المستحيل، على رأى أغنية الباقى من الزمن ساعة. عارف إن المواطن المسكين حاير بين جحيم الدنيا وجحيم الآخرة، خايف من الندم الذى يعقب أى رشة انتخابية جريئة، مرعوب يخرج من المعركة الانتخابية بغضبين وليس بغضب واحد، فلا يرضى عنه العسكر ويحققون له الأمن إذا اختارهم و«فلسع» الإخوان، ولا ترضى عنه السماء إذا اختار الإخوان و«فرقع» العسكر. فتكون النتيجة ألا يطول سما ولا أرض.. لا تحير نفسك واعلم أن مصيرك إلى الشارع!