حساب المكسب والخسارة فى الانتخابات يقرأ من زاويتين؛
الأولى: حيث جاء د. «مرسى» أولا، كما كسب «صباحى» و«أبوالفتوح» حتى وإن خسرا، لأنه يراعى أنهما مرشحان «أعزلان» ولم يفرقا كثيرا عن الفائز الأول الذى يملك قوة بشرية وتنظيمية وتاريخية وقناة فضائية وجريدة يومية ومئات المواقع الإنترنتية.
والثانية: مقصدية، وهى غرض المقال، ومقصدى هنا منهج «الإخوان المسلمين» القائم كما يقولون على «هداية الناس للمنهج المحمدى» وفق شعار «الرسول زعيمنا»، وهذه الزاوية هى الأصل الذى لأجله أنشئت الجماعة، وهذا الغرض هو الذى لأجله استخدم «الإخوان» الآلات المختلفة لتحقيقه كالدخول فى الانتخابات والنقابات والتنظيمات والجريدة اليومية والقناة الفضائية.
جاءت نتيجة الانتخابات لتؤكد فوز «الإخوان» فى الآلات والأدوات المساعدة، وهزيمتهم فى المقاصد والأغراض التى يفترض أن تسخر من أجلها هذه الآلات، بل ثمة نسيان من الجماعة للغرض الأصلى وهو «هداية الناس».
لو أن الذين صوتوا لـ«الإخوان» فى البرلمان صوتوا لهم فى الرئاسية لكان فى ذلك خسارة لهم، إذ واجب عليهم أن يكسبوا مزيدا من «المهتدين» على يديها، أما وأنها لم تكسب، فضلا عن أنها خسرت حوالى 5 ملايين شخص غيروا رأيهم بعد شهور فهذه خسارة تستدعى أن تعيد الجماعة تقييم نفسها.
إن أداء «الإخوان» سياسيا مدعاة للتقدير والاحترام للجماعة وشبابها، لكن أن يُعتقد أن من وراء هذه السياسة «هداية الخلق للرب» فذلك لم نر له بوادر حتى الآن.
فى الحديث الشريف: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله..»، فانظر كيف أن الرسول فى أوقات التقاء السيوف واشتعال المعركة وهى لحظات يمتلئ فيها القلب بمعانى الانتقام، فإنه فى هذه اللحظة الفارقة امتلأ قلبه بمعانى الهداية والإرشاد، فاستمر تركيزه على المقصد الأصلى «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله».
وتمثل ذلك فى كل قراراته ومواقفه، حيث كان من ورائها معانى الهداية للناس، والرحمة بهم، والشفقة عليهم، وليس التوجس منهم، والشك فيهم، والاستعلاء عليهم، فكانت النتيجة كسب مؤيدين جدد مع كل موقف يصدر منه.
فأين هى معانى «الهداية المحمدية» من المواقف الإخوانية لكى يستشعر الناس معها معانى الشفقة والحرص والرحمة؟
إن نتيجة «الإخوان» فى انتخابات الرئاسة أثبتت فوزا فى الآلات والإجراءات المساعدة، وهزائم فى المقصد الأصلى والحقيقى لدعوتهم وهو هداية الخلق للمنهج المحمدى.
علامة نجاح الجماعة الحقيقية أن يقول المواطن الصالح والطالح بعد كل موقف لهم: «ما شاء الله.. ما أحلى تطبيق هؤلاء لهدى محمد!»، أما أن يضرب الناس أخماسا فى أسداس بعد مواقفهم فذلك انحراف للجماعة عن المقصد الأسمى وهو مقصد لو يعلمون عظيم، أو انحراف للمقصد الأسمى عن طريق الجماعة.
وإلى ذلك يبقى السؤال الجوهرى: كم صوت خسره «الإخوان»؟ وكم مرة انتفع المنهج المحمدى بمواقفهم؟ وليس السؤال: كم صوت كسبوه؟
*باحث فى الحركة الإسلامية